للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَهْلِي، أَوْ وَلَدِي، أَوْ مَالِي، فَهُوَ آمِنٌ، وَجَمِيعُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

لِأَنَّ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يَجْعَلَهُمْ الْمَرْءُ فِدَاءً لِنَفْسِهِ، بَلْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ وِقَايَةً دُونَهُمْ. فَعَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْتِمَاسُ الْأَمَانِ لَهُمْ مَعَ نَفْسِهِ.

وَكَذَلِكَ إذَا ذَكَرَ الْمَالَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَجْهُولُ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالْقَدْرِ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ فِدَاءً، وَلِأَنَّهُ لَا يَفْدِي نَفْسَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَادَةً، إذًا يَهْلِكُ جُوعًا.

٦٤٢ - وَلَوْ قَالَ: آمِنُونِي عَلَى رَقِيقِي عَلَى أَنْ أَنْزِلَ، فَهُوَ آمِنٌ وَرَقِيقُهُ. وَلَوْ قَالَ: عَلَى نِصْفِ رَقِيقِي، كَانَ هَذَا فِدَاءً.

وَبِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْمَعْنَى لَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنْ بِاعْتِبَارِ عُرْفِ النَّاسِ. فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَفْدِي نَفْسَهُ بِبَعْضِ مَا يَأْتِي بِهِ مَعَهُ لِيَتَعَيَّشَ آمِنًا بِمَا بَقِيَ، وَلَا يَفْدِي بِجَمِيعِ مَا يَنْزِلُ بِهِ.

فَإِذَا ذَكَرَ نِصْفَ الْمَالِ أَوْ نِصْفَ جِنْسٍ مِنْ الْمَالِ فَالْغَالِبُ أَنَّ مُرَادَهُ الْفِدَاءُ.

وَإِذَا ذَكَرَ جَمِيعَ الْمَالِ أَوْ جَمِيعَ جِنْسٍ مِنْ الْمَالِ كَالرَّقِيقِ، فَالْغَالِبُ أَنَّ مُرَادَهُ طَلَبُ الْأَمَانِ لِذَلِكَ الْجِنْسِ مَعَ نَفْسِهِ.

فَإِذَا ذَكَرَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ كَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ فَالْغَالِبُ أَنَّ مُرَادَهُ الِاسْتِئْمَانُ لَهُمْ لَا الْفِدَاءُ، سَوَاءً ذَكَرَ عَدَدًا مِنْهُمْ أَوْ ذَكَرَ جَمَاعَتَهُمْ (ص ١٤٨) ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ذَكَرَ إنْسَانًا آخَرُ بِقَوْلِهِ: آمِنُونِي عَلَى فُلَانٍ. فَإِنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ طَلَبَ الْأَمَانِ لِفُلَانٍ، لَا جَعْلَهُ فِدَاءً لِنَفْسِهِ.

٦٤٣ - فَإِنْ قَالَ: آمِنُونِي عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ رَقِيقِي حَتَّى أَنْزِلَ، فَهَذَا فِدَاءٌ.

<<  <   >  >>