لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ مُحْكَمٌ فِي الْأَعْوَاضِ. فَقَدْ قَرَنَهُ بِالْأَلْفِ فَكَانَ عِوَضًا عَنْ أَمَانِهِ، وَقَرَنَهُ بِالْأَهْلِ وَالْوَلَدِ أَيْضًا، وَعَطَفَهُمَا عَلَى الْعِوَضِ أَيْضًا، فَكَانَ تَنْصِيصًا عَلَى أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ أَمَانِهِ.
٦٥٩ - فَإِذَا بَدَأَ بِالْأَهْلِ فَقَالَ: عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي بِأَهْلِي وَأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَالْقِيَاسُ هَكَذَا يَقْتَضِي. وَلَكِنَّ الِاسْتِحْسَانَ: الْأَهْلُ لَيْسَ بِمَالٍ لِيَصْلُحَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا.
فَاسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الِاسْتِئْمَانُ لِلْأَهْلِ جَزَاءً عَلَى الْفَتْحِ، وَقَدْ عَطَفَ الْأَلْفَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ اسْتِثْنَاءَ الْأَلْفِ مِنْ مَالِهِ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَكُونُ فَيْئًا.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي بِجَمِيعِ قَرَابَتِي وَبِأَهْلِي وَوَلَدِي وَبِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَاَلَّذِي يَسْبِقُ إلَيَّ وَهَمَ كُلُّ أَحَدٍ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لَا فِدَاءٌ.
٦٦٠ - وَلَوْ قَالَ: أَنْزِلُ إلَيْكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي عَلَى أَهْلِي وَأَلْفِ دِرْهَمٍ، أَوْ بِأَهْلِي وَأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَهُوَ سَوَاءٌ. وَلَهُ أَهْلُهُ وَأَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي نَزَلَ بِهِ. وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَيْءٌ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أَمَانِ النَّازِلِ.
لِأَنَّهُ عَطَفَ الْأَلْفَ عَلَى الْأَهْلِ وَمُرَادُهُ فِي حَقِّ الْأَهْلِ الِاسْتِئْمَانُ دُونَ الْفِدَاءِ، فَكَذَلِكَ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ. ٦٦١ - وَلَوْ قَالَ: بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَهْلِي. فَهَذَا فِدَاءٌ. وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَهْلَهُ.
لِأَنَّ الْأَلْفَ عِوَضٌ حِينَ قَرَنَ بِهِ حَرْفَ الْبَاءِ ثُمَّ عَطَفَ الْأَهْلَ عَلَيْهِ، فَكَانَ ذَلِكَ تَنْصِيصًا عَلَى الْفِدَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute