للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْأَسْرِ فَهُوَ فَيْءٌ. وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ.

لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ فَارَقَ عَسْكَرَنَا بِاخْتِيَارِهِ، وَالْتَحَقَ بِمَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَانْتَهَى بِهِ الْأَمَانُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَحَالُهُ كَحَالِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ.

٦٧٤ - وَإِنْ أَشْكَلَ أَمْرُهُ بِأَنَّ دَلَّ بَعْضُ الْعَلَامَاتِ عَلَى أَنَّهُ أَتَاهُمْ اخْتِيَارًا وَبَعْضُ الْعَلَامَاتِ عَلَى أَنَّهُمْ أَسَرُوهُ، فَهُوَ فَيْءٌ. وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَهُ.

لِأَنَّ عِنْدَ تَعَارُضِ الْعَلَامَاتِ يُحَكَّمُ الْمَوْضِعُ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ. وَإِنَّمَا وُجِدَ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَفِي مَوْضِعِ إبَاحَةِ الِاسْتِرْقَاقِ. إلَّا أَنَّ تَعَارُضَ الْعَلَامَاتِ يُمَكِّنُ شُبْهَةً فِي أَمْرِهِ، فَمُنِعَ الْقَتْلُ، إذْ الْقَتْلُ مِمَّا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ.

فَإِنْ قِيلَ: عِنْدَ تَعَارُضِ الْعَلَامَاتِ لِمَاذَا لَا يُتَمَسَّكُ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْأَمَانُ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا لَهُ مِنَّا؟ قُلْنَا: التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ الْمَعْلُومِ هُوَ لِانْعِدَامِ الدَّلِيلِ الْمُزِيلِ لَهُ، لَا لِوُجُودِ الدَّلِيلِ الْمُبْقِي. وَقَدْ ظَهَرَ الدَّلِيلُ لِأَمَانِهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ.

فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ أَنْ يَكُونَ فَيْئًا عَلَى كُلِّ حَالٍ. إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا هَذَا الْقِيَاسَ فِيمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ أَسِيرًا فِيهِمْ بِدَلِيلٍ. فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ أَوْ جَاءَ مَا عَارَضَهُ وَجَبَ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّهُ حَرْبِيٌّ وُجِدَ فِي مَنَعَتِهِمْ.

٦٧٥ - قَالَ: وَلَوْ جَالَتْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ جَوْلَةً ثُمَّ إنَّهُمْ عَطَفُوا

<<  <   >  >>