الْأَوْقَاتِ. وَالْأَمِيرُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَحَرَّرَ عَنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُفْتَعِلَ لِيَمْنَعَهُ مِنْ الِافْتِعَالِ. وَكَمَا أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ الْوُقُوفُ عَلَى مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِمْ، يَسْقُطُ عَنْ الْإِمَامِ التَّحَرُّزُ عَمَّا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ.
٧٠٩ - وَلَوْ قَالَ لَهُمْ هَذَا الَّذِي لَمْ يَكُنْ رَسُولًا، هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَهُوَ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، نَادَاهُمْ فَفَتَحُوا الْبَابَ، كَانُوا آمِنِينَ حَتَّى يَنْبِذَ إلَيْهِمْ.
لِأَنَّهُ يَجْعَلُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَمَانًا مِنْ جِهَتِهِ حِينَ كَانَ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ يَمْلِكُ الْأَمَانَ إذَا أَخْبَرَ عَنْ مَنْ يَمْلِكُ الْأَمَانَ فَذَلِكَ أَمَانٌ صَحِيحٌ لَهُمْ. سَوَاءٌ كَانَ الْخَبَرُ صِدْقًا أَمْ كَذِبًا. إنْ كَانَ صِدْقًا فَمِنْ جِهَةِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ كَذِبًا فَمِنْ جِهَةِ الْمُخْبِرِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ إلَّا بِشَهَادَةِ الْعُدُولِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ لِإِبْطَالِ حَقِّهِمْ فِي الِاسْتِغْنَامِ.
٧١٠ - وَلَوْ أَنَّ رَسُولَ الْأَمِيرِ حِينَ بَلَّغَ رِسَالَةَ الْأَمِيرِ قَالَ: إنَّ فُلَانًا الْقَائِدَ قَدْ أَمَّنَكُمْ وَأَرْسَلَنِي بِذَلِكَ إلَيْكُمْ، أَوْ إنَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَابِ الْأَمِيرِ آمَنُوكُمْ، أَوْ إنِّي كُنْت قَدْ أَمَّنْتُكُمْ، قَبْلَ أَنْ أَدْخُلَ إلَيْكُمْ، وَنَادَيْتُكُمْ بِذَلِكَ. وَشَهِدَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. فَهُمْ فَيْءٌ أَجْمَعُونَ إذَا كَانَ مَا أَخْبَرَ بِهِ كَذِبًا.
لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولِ الْقَائِدِ حَتَّى يَجْعَلَ عِبَارَتَهُ كَعِبَارَةِ الْقَائِدِ، وَلَا هُوَ رَسُولُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَابِ الْأَمِيرِ حَتَّى تَكُونَ عِبَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِمْ، وَلَا يَمْلِكُ هُوَ أَمَانَهُمْ بِنَفْسِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَنَعَتِهِمْ، فَلِهَذَا بَطَلَ حُكْمُ كَلَامِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute