يَرُدَّ عَلَى الرَّاهِنِ مَا أَعْطَى مِنْ الثَّمَنِ، فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْعَبْدَ وَيَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ وَإِحْيَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ إلَّا بِمَا أَدَّى، فَلَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا.
وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ لِإِنْسَانٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ. فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْخِدْمَةِ إذَا فَدَاهُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي هَذَا الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَا كَانَ يَصِلُ إلَى خِدْمَتِهِ إلَّا بِهِ، حَتَّى إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِدْمَةِ بِيعَ الْعَبْدُ لَهُ فِي الْفِدَاءِ. إلَّا أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ مِثْلَ مَا أَدَّى فَحِينَئِذٍ يَسْلَمُ الْعَبْدَ لَهُ.
وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ إذَا أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: إنْ شِئْت فَخُذْهُ بِالثَّمَنَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ شِئْت فَدَعْ.
لِأَنَّ الْبَائِعَ مَا كَانَ يَتَوَصَّلُ إلَى إحْيَاءِ حَقِّهِ إلَّا بِأَدَاءِ الْفِدَاءِ، فَلَا يَكُونُ هُوَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَدَّى، فَكَذَلِكَ حَالُ السَّرِيَّةِ الثَّانِيَةِ فِيمَا أَدَّوْا مِنْ الدَّنَانِيرِ، فَيُسَلَّمُ لَهُمْ هَذَا قَبْلَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ فِي الْغَنِيمَةِ، وَمَا أَدَّوْا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْغَنِيمَةِ. فَمِثْلُهُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِمْ لَا يَكُونُ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَيْضًا، وَلَكِنْ بِمَنْزِلَةِ النَّفْلِ يَنْفُلُونَهُ قَبْلَ الْخُمُسِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ.
٧٥٣ - وَلَوْ لَمْ يَظْفَرُوا بِالْحِصْنِ، وَجَعَلُوا يُقَاتِلُونَهُمْ، حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. ثُمَّ ظَفِرُوا بِهِمْ، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا بِتِلْكَ الدَّنَانِيرِ وَلَا مِثْلِهَا قَبْلَ الْخُمُسِ، بَلْ يُخَمَّسُ جَمِيعُ مَا أَصَابُوا، وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute