للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا يَكُونُ أَمَانًا مِمَّنْ يَدْخُلُ دَارَ الْحَرْبِ وَالْأَسْرَى، وَمَا لَا يَكُونُ أَمَانًا وَلَوْ أَنَّ رَهْطًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَتَوْا أَوَّلَ مَسَالِحِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَقَالُوا: نَحْنُ رُسُلُ الْخَلِيفَةِ. وَأَخْرَجُوا كِتَابًا يُشْبِهُ كِتَابَ الْخَلِيفَةِ، أَوْ لَمْ يُخْرِجُوا، وَكَانَ ذَلِكَ خَدِيعَةً مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ. فَقَالُوا لَهُمْ: اُدْخُلُوا. فَدَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ. فَلَيْسَ يَحِلُّ لَهُمْ قَتْلُ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا دَامُوا فِي دَارِهِمْ.

لِأَنَّ مَا أَظْهَرُوهُ لَوْ كَانَ حَقًّا كَانُوا فِي أَمَانٍ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَأَهْلُ الْحَرْبِ فِي أَمَانٍ مِنْهُمْ أَيْضًا لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُمْ بِشَيْءٍ، هُوَ الْحُكْمُ فِي الرُّسُلِ إذَا دَخَلُوا إلَيْهِمْ كَمَا بَيَّنَّا.

٧٧٦ - فَكَذَلِكَ إذَا أَظْهَرُوا ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى الْوُقُوفِ عَلَى مَا فِي بَاطِنِ الدَّاخِلِينَ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى مَا يُظْهِرُونَ لِوُجُوبِ التَّحَرُّزِ عَنْ الْغَدْرِ، وَهَذَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ أَمْرَ الْأَمَانِ شَدِيدٌ وَالْقَلِيلُ مِنْهُ يَكْفِي.

فَيُجْعَلُ مَا أَظْهَرُوهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِئْمَانِ مِنْهُمْ. وَلَوْ اسْتَأْمَنُوا فَآمَنُوهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَفُوا لَهُمْ.

<<  <   >  >>