أَحَدُهُمَا: أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» الْحَدِيثَ، يَعُمُّ الْأَسِيرَ وَغَيْرَهُ وَهَذَا الظَّاهِرُ وَإِنْ تُرِكَ الْعَمَلُ بِهِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ بِنَفْيِ شُبْهَةٍ فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْقَوْمَ إنَّمَا جَاءُوا إلَى الْمُعَسْكَرِ لِلِاسْتِئْمَانِ لَا لِلْقِتَالِ فَإِنَّهُمْ جَاءُوا بِاعْتِبَارِ أَمَانِ الْأَسِيرِ إيَّاهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَحْصُورَ إذَا جَاءَ عَلَى هَيْئَةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ تَارِكٌ لِلْقِتَالِ بِأَنْ أَلْقَى، السِّلَاحَ وَنَادَى بِالْأَمَانِ وَجَاءَ فَإِنَّهُ يَأْمَنُ الْقَتْلَ. فَهَؤُلَاءِ أَيْضًا يَأْمَنُونَ مِنْ الْقَتْلِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَأْمَنُونَ مِنْ الِاسْتِرْقَاقِ، فَنُخَمِّسُهُمْ وَنَقْسِمُهُمْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الَّذِي أَمَّنَهُمْ مُسْتَأْمَنًا فِيهِمْ، أَوْ كَانَ رَجُلًا مِنْهُمْ أَسْلَمَ فَالْمَعْنَى يَجْمَعُ الْكُلَّ.
٨١١ - وَلَوْ أَمَّنَهُمْ مُسْلِمٌ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَأَمَانُهُ جَائِزٌ.
لِأَنَّهُ آمِنٌ مِنْهُمْ، مُمْتَنِعٌ فِي عَسْكَرِهِ فَأَمَانُهُ كَأَمَانِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
٨١٢ - فَإِنْ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ حِصْنِهِمْ بَعْدَ نَبْذِ الْإِمَامِ إلَيْهِمْ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي أَمَّنَهُمْ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ رَأَى النَّظَرَ فِي قِتَالِهِمْ، فَإِنْ خَرَجُوا إلَى الْمُعَسْكَرِ وَقَالُوا: آمَنَنَا فُلَانٌ، لَمْ نُصَدِّقْهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى يَشْهَدَ عَدْلَانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute