يَدُلَّ. فَسَوَاءٌ وَفَّى بِمَا قَالَ أَوْ لَمْ يَفِ كَانَ هُوَ فِي أَمَانٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيُبْلِغُوهُ مَأْمَنَهُ.
فَإِنْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: إنَّمَا آمَنَّاهُ عَلَى أَنْ يَدُلَّنَا وَلَمْ يَفِ بِالشَّرْطِ، قِيلَ لَهُمْ: إنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَكُمْ إنِّي إنْ لَمْ أَدُلَّكُمْ فَلَا أَمَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ.
وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْ مُحَمَّدٍ. - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا. وَقَدْ حَكَاهُ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي قَوْله تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} [النور: ٨] أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابُ إنْ لَمْ تَشْهَدْ. وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: ٢٥] .
وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إذَا أَتَتْ بِالْفَاحِشَةِ وَلَمْ تُحْصَنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ الْعَذَابُ. وَهَذَا لِأَنَّ مَفْهُومَ الشَّرْطِ كَمَفْهُومِ الصِّفَةِ. وَذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَبَنَاتِ خَالِك وَبَنَاتِ خَالَاتِك اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَك} [الأحزاب: ٥٠] ثُمَّ لَمْ يَدُلَّ عَلَى حُرْمَةِ اللَّاتِي لَمْ يُهَاجِرْنَ مَعَهُ وَقَالَ: تَعَالَى {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦] وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ الظُّلْمِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: آمَنَّاك عَلَى أَنْ تَدُلَّنَا لَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا أَمَانَ لَك إنْ لَمْ تَدُلَّنَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ، وَالْمُحْتَمَلُ لَا يُعَارِضُ الْمَنْصُوصَ وَلَا يَدْفَعُ حُكْمَهُ، إلَّا أَنْ يَنُصَّ فَيَقُولُ: عَلَى أَنَّى إنْ لَمْ أَدُلَّكُمْ عَلَيْهِمْ فَلَا أَمَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. فَحِينَئِذٍ هَذَا نَصٌّ يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِذَلِكَ النَّصِّ.
وَفِي النَّبْذِ حِلُّ الْقَتْلِ وَالِاسْتِرْقَاقِ وَذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute