للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ أَعْطَى الدَّنَانِيرَ كَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَفْدِي بِهَا نَفْسَهُ لِيَلْحَقَ بِمَأْمَنِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا لَمْ يُجْعَلْ الْمَالُ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ رَقَبَتِهِ، حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِسَلَامَةِ رَقَبَتِهِ لَهُ؟ قُلْنَا: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِينَ قَطُّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَالُ عِوَضًا عَنْ رَقَبَتِهِ إذَا كَانَ عَبْدًا فِي وَقْتٍ، فَعَتَقَ بِذَلِكَ الْمَالِ.

٨٤٨ - وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ، رَأْسًا، فَعَلَيْهِ رَأْسٌ وَسَطٌ أَوْ قِيمَتُهُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ.

لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ بِطَرِيقِ الْفِدَاءِ لَا يَكُونُ عِوَضًا عَنْ مَالٍ. وَالرَّأْسُ الْمُطْلَقُ فِي مِثْلِهِ يَثْبُتُ مُقَيَّدًا بِالْوَسَطِ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْعَيْنِ، كَمَا فِي بَدَلِ الْخُلْعِ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ.

٨٤٩ - فَإِذَا أَعْطَى مَا الْتَزَمَ وَلَمْ يُفْتَحْ حِصْنُهُ بَعْدُ، فَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ. وَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ.

لِأَنَّا عَرَفْنَا أَنَّهُ نَزَلَ مِنْ الْحِصْنِ وَفَدَى نَفْسَهُ بِالْمَالِ لَا لِيَعُودَ إلَى الْحِصْنِ بَلْ لِيَأْمَنَ مِمَّا كَانَ خَائِفًا مِنْهُ فِي الْحِصْنِ. وَإِنَّمَا يَتِمُّ لَهُ ذَلِكَ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الذَّهَابِ إلَى حَيْثُ شَاءَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ.

<<  <   >  >>