وَلَوْ قَالَ: تُؤَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أُعْطِيَكُمْ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَجَلِ كَذَا. فَإِنْ لَمْ أُعْطِكُمْ فَلَا أَمَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. أَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتُكُمْ إلَى أَجَلِ كَذَا فَأَنَا آمِنٌ. ثُمَّ لَمْ يُعْطِهِمْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ. فَهُوَ فَيْءٌ، وَلَا حَاجَةَ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي هَا هُنَا. لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ الْوَقْتِ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُزَادُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ، وَلَوْ شَرَطْنَا قَضَاءَ الْقَاضِي بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ كَانَ زِيَادَةً عَلَى الْوَقْتِ. وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ فِي مَعْنَى النَّسْخِ.
٨٥٨ - وَلَوْ كَانَ قَالَ: تُؤَمِّنُونِي عَلَى أَنْ أَنْزِلَ فَأَدُلَّكُمْ عَلَى قَرْيَةٍ فِيهَا مِائَةُ رَأْسٍ، عَلَى أَنِّي إنْ لَمْ أَدُلَّكُمْ فَلَا أَمَانَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. ثُمَّ نَزَلَ فَدَلَّهُمْ عَلَى قَرْيَةٍ فِيهَا مِائَةُ رَأْسٍ قَدْ أَصَابَهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ هَذَا الْأَمَانِ أَوْ بَعْدَهُ، قَبْلَ نُزُولِهِ أَوْ بَعْدَ نُزُولِهِ، قَبْلَ أَنْ يَدُلَّهُمْ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ بِدَلَالَةٍ. فَإِنْ دَلَّهُمْ عَلَى غَيْرِهَا وَإِلَّا كَانَ فَيْئًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا قَبْلَ دَلَالَتِهِ وَلَمْ يُصِيبُوهَا.
لِأَنَّهُ الْتَزَمَ دَلَالَةً فِيهَا مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إذَا دَلَّ عَلَى مَا كَانَ مَعْلُومًا لِلْمُسْلِمِينَ. وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ التَّوَصُّلُ إلَى الْمَقْصُودِ بِتِلْكَ الدَّلَالَةِ، وَوُصُولُ الْمُسْلِمِينَ إلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ لَمْ يَكُنْ بِدَلَالَتِهِ حِينَ عَلِمُوا بِمَا قَبْلَ دَلَالَتِهِ، أَصَابُوهَا أَوْ لَمْ يُصِيبُوهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute