للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِنْ جَاءَتْ مَعَهُ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ فَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهَا فَتَكُونُ حُرَّةً ذِمِّيَّةً، إلَّا أَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ، لِإِقْرَارِهِ بِمَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ. وَهُوَ الْمِلْكُ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ. فَإِنَّ إقْرَارَ الزَّوْجِ بِمَا يُنَافِي النِّكَاحَ يُبْطِلُهُ. كَمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّ زَوْجَتَهُ قَدْ ارْتَدَّتْ وَأَنْكَرَتْ هِيَ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَنَّهُ قَهَرَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَتْ أَمَةً لَهُ. لِأَنَّهُ أَثْبَتَ سَبَبَ مِلْكِهِ رَقَبَتَهَا بِالْحُجَّةِ، وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ فِي الظَّاهِرِ لِإِقْرَارِهَا أَنَّهَا فِي نِكَاحِ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (ص ١٨٣) وَشَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الذِّمِّيَّةِ تُقْبَلُ.

٨٦٧ - ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسْلِمُ مُسْتَأْمَنًا فِي دَارِ الْحَرْبِ كُرِهَ لَهُ مَا صَنَعَ، وَأُمِرَ بِأَنْ يُعْتِقَهَا وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهَا.

لِأَنَّهُ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ بِأَمَانٍ فَقَدْ ضَمِنَ أَنْ لَا يَغْدِرَ بِهِمْ، وَأَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُؤْمَرُ بِالْوَفَاءِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ غَدَرَ بِأَمَانِ نَفْسِهِ خَاصَّةً دُونَ أَمَانِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ.

٨٦٨ - وَإِنْ كَانَ أَسِيرًا فِيهِمْ أَوْ كَانَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ، لَمْ يُؤْمَرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ شَرْعًا مِنْ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَأَخْذِ مَالِهِمْ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِمْ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ تَزَوُّجَهُ إيَّاهَا لَا يَكُونُ أَمَانًا مِنْهُ لَهَا.

<<  <   >  >>