للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَإِنْ رَأَى أَنْ يُؤَدَّبَ الَّذِي آمَنَهُمْ فَعَلَ.

لِأَنَّهُ أَسَاءَ الْأَدَبَ حِينَ فَعَلَ مَا يَرْجِعُ إلَى الِاسْتِخْفَافِ بِالْإِمَامِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّبْهُ اجْتَرَأَ غَيْرُهُ عَلَى مِثْلِهِ، وَذَلِكَ يَقْدَحُ فِي السِّيَاسَةِ وَتَدْبِيرِ الْإِمَارَةِ. إلَّا أَنَّهُ إذَا آمَنَهُمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مِنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَظَهَرَ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّبُهُ فِي ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ قَصَدَ بِفِعْلِهِ تَوْفِيرَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَرُبَّمَا تَفُوتُهُمْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ لَوْ أَخَّرَهُ إلَى اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الْإِمَامِ، وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يُبَاحُ لَهُ إعْطَاءُ الْأَمَانِ.

فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ إذَا قَالَ لَهُ سِرًّا: آمِنِّي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى عَوْرَاتِهِمْ، أَوْ عَلَى أَنْ أَفْتَحَ لَك الْحِصْنَ، وَخَافَ إنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُ أَنْ يَفُوتَهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا إشْكَالَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّنَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْمَانِ الْإِمَامِ.

لِأَنَّ الْأَمَانَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يَرْجِعُ إلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ يَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ عَلَى ذَلِكَ لَا التَّأْدِيبَ، فَلَا يُؤَدِّبُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

- وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا آمَنَ وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ مِنْ حِصْنِهِ إلَى الْمُعَسْكَرِ. فَلَمَّا قَبَضَ الدَّنَانِيرَ وَجَاءَ بِهِ إلَى عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ عَلِمَ بِهِ الْإِمَامُ. فَقَدْ أَسَاءَ الْمُسْلِمُ فِي ذَلِكَ وَأَمَانُهُ جَائِزٌ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

ثُمَّ يَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ.

<<  <   >  >>