للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دِينَارٍ وَأَخَذَهَا مِنْهُمْ، فَالْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّنَانِيرَ وَنَبَذَ إلَيْهِمْ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ أَمَانَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ حَتَّى يَمْضِيَ شَهْرٌ، وَأَخَذَ الْمِائَةَ الدَّنَانِيرِ فَجَعَلَهَا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.

؛ لِأَنَّ فِي كُلِّ جَانِبٍ تَوَهُّمَ الْمَنْفَعَةِ عَسَى، فَإِنَّهُ إنْ طَمِعَ فِي فَتْحِ الْحِصْنِ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ فَالْمَنْفَعَةُ فِي رَدِّ الدَّنَانِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي ذَلِكَ فَالْمَنْفَعَةُ فِي أَخْذِ الدَّنَانِيرِ وَإِمْضَاءِ الْأَمَانِ. فَلِهَذَا يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ.

- وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي الْعَسْكَرِ: إنَّ مَنْ آمَنَ مِنْكُمْ أَهْلَ الْحِصْنِ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَأَمَانُهُ بَاطِلٌ، ثُمَّ آمَنَهُمْ مُسْلِمٌ بِجُعْلٍ أَوْ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَأَمَانُهُ جَائِزٌ.

لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُوجِبَةَ لِصِحَّةِ الْأَمَانِ مِنْ الْمُسْلِمِ لَمْ تَنْعَدِمْ بِهَذَا النِّدَاءِ. وَوِلَايَةُ الْأَمَانِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ثَابِتَةٌ شَرْعًا كَوِلَايَةِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَنْعَدِمُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ بِنَهْيِ الْإِمَامِ.

ثُمَّ أَهْلُ الْحَرْبِ لَا يَعْلَمُونَ هَذَا النَّهْيَ، فَلَوْ لَمْ يَصْلُحْ أَمَانُ هَذَا الْمُسْلِمِ بَعْدَ هَذَا النَّهْيِ رَجَعَ إلَى الْغُرُورِ وَهُوَ حَرَامٌ، إلَّا أَنَّ لِلْأَمِيرِ أَنْ يُؤَدِّبَ الَّذِي آمَنَ بِالْحَبْسِ وَالْعُقُوبَةِ إنْ كَانَ لَمْ يُؤَمِّنْهُمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ.

لِأَنَّ إسَاءَةَ الْأَدَبِ هَهُنَا أَبْلَغُ مِنْهَا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ جَاهَرَ بِمُخَالَفَةِ الْإِمَامِ فَيَسْتَوْجِبُ الْحَبْسَ وَالْعُقُوبَةَ بِهَذَا.

<<  <   >  >>