للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ نَبَاتَ الْعَانَةِ يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحْوَالُ النَّاسِ. أَلَا تَرَى أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِئُ فِي الْأَتْرَاكِ وَيَسْرُعُ فِي الْهُنُودِ. فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حُكْمًا. وَتَأْوِيلُ هَذَا أَنَّهُ عَلِمَ بِإِخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ إيَّاهُ مِنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ أَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةُ بُلُوغِ بَنِي قُرَيْظَةَ. وَإِنَّمَا حَكَمَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى مِنْهُمْ كَانَ مُقَاتِلًا. وَإِنَّمَا حُكِمَ بِقَتْلِ مُقَاتِلِهِمْ. وَالْمُقَاتِلُ يُقْتَلُ بَالِغًا كَانَ أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ. وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إنَّمَا يُقْتَلُ قَبْلَ الْأَسْرِ إذَا قَاتَلَ، فَأَمَّا بَعْدَ مَا أُسِرَ فَلَا يُقْتَلُ.

ثُمَّ ذُكِرَ: أَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ فِيهِمْ سِيقُوا حَتَّى حُبِسُوا فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ النَّجَّارِيَّةِ وَأَمَرَ بِهِمْ أَنْ يُكَتَّفُوا.

وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُصْنَعَ بِالْأُسَرَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {حَتَّى إذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [محمد: ٤] .

قَالَ: «ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنِي قُرَيْظَةَ حَتَّى قُتِلَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ. وَسُمِّيَ مِمَّنْ قُتِلَ مِنْهُمْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَغَازِي: حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ أُسَيْدٍ، وَجَمَاعَةٌ. فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: لَا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ وَحَرَّ السِّلَاحِ. قَيِّلُوهُمْ وَاسْقُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا ثُمَّ اُقْتُلُوا مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ» .

وَفِي الْمَغَازِي ذُكِرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَامَ وَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: شَأْنُك وَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ» . وَكَانَ الَّذِينَ يَلُونَ قَتْلَهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ

<<  <   >  >>