للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْهَا شَيْئًا، إلَّا سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَسِمَاكَ بْنَ خَرَشَةَ أَبَا دُجَانَةَ فَإِنَّهُمَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا» .

وَبَيَانُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً فِي قَوْلِهِ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] (ص ٢٠٤) فَإِنَّهُمْ مَا فَتَحُوا بَنِي النَّضِيرِ عَنْوَةً وَقَهْرًا، وَإِنَّمَا صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتْ الْإِبِلُ، إلَّا الْحَلْقَةَ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ لِرَسُولِ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -. وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا أَلْقَى اللَّهُ مِنْ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَفِي زَمَانِنَا لَوْ حَاصَرَ الْإِمَامُ حِصْنًا ثُمَّ صَالَحَهُمْ عَلَى مِثْلِ هَذَا هَلْ تَكُونُ الْأَمْوَالُ لَهُ خَاصَّةً أَمْ تَكُونُ غَنِيمَةً لِلْجَيْشِ؟ قُلْنَا: بَلْ تَكُونُ غَنِيمَةً؛ لِأَنَّ خَوْفَهُمْ مِنْ مَنَعَةِ الْإِمَامِ لَا مِنْ نَفْسِهِ، وَمَنَعَتُهُ بِالْجَيْشِ. فَأَمَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَمَنَعَةُ رَسُولِ اللَّهِ مَا كَانَ بِمَنْ حَوْلَهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يَأْمَنُونَ بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] .

٩٧٨ - وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ فِيمَا صَنَعَ اسْتَرْضَى الْأَنْصَارَ أَيْضًا. فَإِنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا نَازِلِينَ مَعَ الْأَنْصَارِ فِي بُيُوتِهِمْ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلْأَنْصَارِ: «إمَّا أَنْ أَقْسِمَ بَنِي النَّضِيرِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بِرِضَاكُمْ لِيَتَحَوَّلُوا إلَيْهَا فَتَسْلَمَ لَكُمْ مَنَازِلُكُمْ، وَإِمَّا أَقْسِمُهَا بَيْنَ الْكُلِّ وَهُمْ يَسْكُنُونَ مَعَكُمْ فِي مَنَازِلِكُمْ عَلَى حَالِهِمْ.

<<  <   >  >>