كَانُوا ظَاهِرِينَ بِقُوَّةِ الْإِمَامِ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَمُدَّهُمْ إذَا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ. فَلِهَذَا يُخَمَّسُ مَا أَصَابُوا، بِخِلَافِ مَا يُصِيبُ الْمُتَلَصِّصُ الْخَارِجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ.
١٠٢٧ - وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ لَهُمْ: مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ عَلَى سِهَامِكُمْ، (ص ٢١٢) وَلَا خُمُسَ فِيهِ، فَهُوَ جَائِزٌ. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَقَالَ لَهُمْ الْإِمَامُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.
لِأَنَّ الَّذِينَ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ إنَّمَا يَثْبُتُ الْخُمُسُ فِيمَا أَصَابُوا بِاعْتِبَارِ إذْنِ الْإِمَامِ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُبْطِلَ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ وُجُوبُهُ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ. فَأَمَّا وُجُوبُ الْخُمُسِ فِيمَا أَصَابَ أَهْلُ الْمَنَعَةِ فَلَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنَّهُمْ لَوْ خَرَجُوا مُغِيرِينَ بِغَيْرِ إذْنِهِ خَمَّسَ مَا أَصَابُوا؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ فَمَعْنَى إعْزَازِ الدِّينِ يَحْصُلُ بِقِتَالِهِمْ.
فَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْقُطَ حَقُّ أَرْبَابِ الْخُمُسِ مِنْ مُصَابِهِمْ بِإِسْقَاطِ الْإِمَامِ أَيْضًا. وَهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ هُنَاكَ كَالْمُبَيِّنِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ: لَا خُمُسَ عَلَيْكُمْ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَمُدَّهُمْ وَأَنْ يُغِيثَهُمْ إذَا اسْتَغَاثُوا بِهِ، فَالْتَحَقُوا فِي ذَلِكَ بِالْمُتَلَصَّصِينَ، وَانْعَدَمَ بِهِ السَّبَبُ الَّذِي كَانَ يَجِبُ الْخُمُسُ لِأَجْلِهِ فِي مُصَابِهِمْ. وَفِي حَقِّ أَهْلِ الْمَنَعَةِ لَمْ يَنْعَدِمْ السَّبَبُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قُوَّتُهُمْ، وَمَنَعَتُهُمْ، وَذَلِكَ بَاقٍ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ: أَبْطَلْت الْخُمُسَ عَنْكُمْ.
١٠٢٨ - وَلَوْ بَعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً فِي دَارِ الْحَرْبِ وَنَفَّلَهُمْ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ كَانَ جَائِزًا.
وَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا التَّنْفِيلِ تَخْصِيصَ حَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بِالْإِبْطَالِ دُونَ حَقِّ أَرْبَابِ الْخُمُسِ. وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ حَقِّ أَرْبَابِ الْخُمُسِ بِالْإِبْطَالِ بِسَبَبِ التَّنْفِيلِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute