فَإِنْ جَاءَتْ السَّرِيَّةُ بِغَنَائِمَ فِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ وَصِبْيَانٌ، فَأَعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السَّرِيَّةِ بَعْضَ السَّبْيِ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ.
لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ (ص ٢١٥) لَهُمْ بِطَرِيقِ الِاغْتِنَامِ، كَاسْتِحْقَاقِ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ لِلْجَيْشِ. فَكَمَا أَنَّ هُنَاكَ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ حَتَّى لَا يَنْفُذَ الْعِتْقُ مِنْ بَعْضِ الْغَانِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.
فَإِنْ قِيلَ: لَا كَذَلِكَ، بَلْ الِاسْتِحْقَاقُ لِلنَّفْلِ بِالتَّسْمِيَةِ. وَقَدْ صَحَّتْ مِنْ الْإِمَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْمِلْكُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ.
قُلْنَا: تَسْمِيَةُ الْإِمَامِ لِقَطْعِ شَرِكَةِ الْجَيْشِ مَعَهُمْ فِي مِقْدَارِ مَا نَفَّلَ لَهُمْ، لَا لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بَعْدَ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ بِالْإِصَابَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ قُلْتُمْ لَا يُفَضَّلُ فِي هَذَا الْفَارِسُ عَلَى الرَّاجِلِ؟ وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْإِصَابَةِ لَثَبَتَ التَّفْضِيلُ. قُلْنَا: الْإِمَامُ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ كَمَا قَطَعَ شَرِكَةَ الْجَيْشِ مَعَهُمْ قَطَعَ حَقَّ الْفَارِسِ فِي التَّفْضِيلِ، لِضَرُورَةِ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمْ فِي النَّفْلِ.
ثُمَّ مِنْ ضَرُورَةِ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ لِلْغَيْرِ وَاخْتِصَاصِهِمْ فِي النَّفْلِ أَنْ يَتَأَكَّدَ حَقُّهُمْ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، فَيَكُونُ الْمُنَفَّلُ فِي حَقِّهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَائِمِ الْمُحْرَزَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.
وَلَوْ أَنَّ الْجَيْشَ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنَائِمِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَعْتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْضَ السَّبْيِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا. وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ يَقَعُ نَصِيبُهُ مِنْهَا بِالْقِسْمَةِ، وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ الْغَنَائِمَ وَيَقْسِمَ الثَّمَنَ بَيْنَهُمْ. وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ مِنْ السَّبْيِ. فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي النَّفْلِ قَبْلَ الْإِحْرَازِ أَيْضًا.
ثُمَّ خَرَّجَ الْمَسَائِلَ عَلَى هَذَا فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute