للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: ٦٦] فَكُلُّ هَذَا مُحْتَمَلٌ، إنْ قَالَ بِهِ قَائِلٌ وَسِعَهُ اجْتِهَادُ الرَّأْيِ فِيهِ. وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت أُوَقِّتُ فِي ذَلِكَ وَقْتًا، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إنْ كَانُوا قَوْمًا لَا مَنَعَةَ لَهُمْ جَازَ الْعِتْقُ، وَإِلَّا فَلَا.

لِأَنَّ نَصْبَ الْمَقَادِيرِ بِالرَّأْيِ لَا يَكُونُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَصٌّ. وَالْمَنَعَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، فَالسَّبِيلُ أَنْ يُفَوَّضَ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِيَحْكُمَ بِرَأْيِهِ فِيهِ. هَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى مَعَانِي الْفِقْهِ.

وَهَذَا نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ فِي النَّهْرِ وَالشَّرِكَةِ الْعَامَّةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ. فَكُلُّ فَصْلٍ ذَكَرْنَاهُ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ بِهِ هُنَا.

ثُمَّ فِي كُلِّ فَصْلٍ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَنْفُذُ الْعِتْقُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ الرِّجَالَ مِنْ الْأُسَرَاءِ. لِأَنَّهُمْ قَدْ مُلِكُوا فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنِيمَةِ الْمَقْسُومَةِ.

وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْعُرَفَاءِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ. وَهَذَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا يَثْبُتُ بِالْقِسْمَةِ الْأُولَى، وَهِيَ قِسْمَةُ الْجُمَلِ. وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْقِسْمَةُ بَيْنَ الْأَفْرَادِ بَعْدُ.

١٠٦٩ - وَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ الْقَلِيلُ بَعَثَهُمْ الْإِمَامُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَصَابُوا غَنَائِمَ ثُمَّ أَعْتَقَ بَعْضُهُمْ الرَّقِيقَ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ فِي الْقِيَاسِ.

لِأَنَّ الْمُصَابَ هُنَا غَنِيمَةٌ.

أَلَا تَرَى (ص ٢٢١) أَنَّهُمْ لَوْ لَحِقَهُمْ الْمَدَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَارَكُوهُمْ، فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ. وَلِأَنَّ أَرْبَابَ الْخُمُسِ شُرَكَاؤُهُمْ، وَالْإِمَامُ رَأَى

<<  <   >  >>