للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ فِي هَذَا الْفَصْلِ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ بَطَلَ تَنْفِيلُهُ، لِأَنَّ الثَّانِيَ (ص ٢٣١) نَائِبُ الْخَلِيفَةِ بِتَقْلِيدِهِ مِنْ جِهَتِهِ، فَكَأَنَّهُ قَلَّدَهُ ابْتِدَاءً بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ. وَهَذَا لِأَنَّ التَّنْفِيلَ رَأْيٌ رَآهُ الْأَوَّلُ. وَحُكْمُ رَأْيِهِ يَنْقَطِعُ بِرَأْيٍ فَوْقَ رَأْيِهِ، وَهُوَ تَقْلِيدُ الْخَلِيفَةِ لِلثَّانِي.

فَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَى رَأْيِهِ رَأْيٌ فَوْقَهُ، إنَّمَا نَظَرَ الْجُنْدُ لَهُ وَلِأَنْفُسِهِمْ فِي نَصْبِ خَلِيفَةٍ. فَيَبْقَى حُكْمُ رَأْيِهِ بِاعْتِبَارِ خَلِيفَتِهِ، كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ هُوَ بِنَفْسِهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الِاسْتِخْلَافِ فِي الصَّلَاةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ وَبَيْنَ أَنْ يَفْعَلَهُ الْقَوْمُ. فَهَذَا مِثْلُهُ. .

- وَلَوْ قَالَ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ثُمَّ لَحِقَ بِهِمْ مَدَدٌ أَوْ تُجَّارٌ أَوْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ. فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَتِيلًا، فَفِي الْقِيَاسِ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ.

لِأَنَّهُ خَصَّ الْحَاضِرِينَ بِالْخِطَابِ بِقَوْلِهِ: (مِنْكُمْ) بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، فَقَدْ عَمَّ الْخِطَابُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا. وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ الْحَاضِرَ وَمَنْ يَحْضُرُ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَهُ السَّلَبُ.

لِأَنَّهُ مَا قَصَدَ الْحَاضِرِينَ لِأَعْيَانِهِمْ، بَلْ لِتَحْرِيضِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مَنْ يَحْضُرُ وَمَنْ حَضَرَ سَوَاءٌ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الَّذِينَ لَحِقُوا بِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِيمَا أَصَابُوا قَبْلَ ذَلِكَ إذَا قَاتَلُوا وَجُعِلُوا كَالْحَاضِرِينَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ، فَكَذَلِكَ هُمْ شُرَكَاؤُهُمْ فِي حُكْمِ التَّنْفِيلِ، وَجُعِلُوا كَالْحَاضِرِينَ وَقْتَ التَّنْفِيلِ. .

<<  <   >  >>