للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّنْفِيلِ التَّحْرِيضُ عَلَى الْأَخْذِ وَالْأَسْرِ. وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَحْصُلُ إذَا اعْتَبَرْنَا الشَّرْطَ صُورَةً، لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ تِسْعَةٍ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لَوْ جَاءَ بِهِمْ لَمْ يَرْغَبْ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُعَالَجَةٍ وَمُؤْنَةٍ. فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ نَصِيبَهُ فِيهِ كَنَصِيبِ سَائِرِ الْغَانِمِينَ قَلَّ مَا يَرْغَبُ فِي الْتِزَامِ ذَلِكَ. فَإِنَّمَا تَمَامُ مَعْنَى التَّحْرِيضِ فِي اعْتِبَارِ مَا قُلْنَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقَدْرِ مَا جَاءَ بِهِ. أَرَأَيْت لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ مِنْكُمْ عَشَرَةً فَلَهُ عُشْرُ أَسْلَابِهِمْ. فَقَتَلَ تِسْعَةً، أَمَا كَانَ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى بِحِسَابِ مَا قَتَلَ؟ فَكُلُّ أَحَدٍ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودُ الْإِمَامِ اشْتِرَاطَ الْعَشَرَةِ، لِأَنَّ الْوَاحِدَ قَلَّ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَتْلِ عَشَرَةٍ مِنْهُمْ أَوْ أَخْذِ عَشَرَةِ أَرْؤُسٍ.

- وَلَوْ أَصَابَ رَجُلَانِ عَشَرَةَ أَرْؤُسٍ فَلَهُمَا وَاحِدٌ مِنْ أَوْسَاطِهِمْ.

لِأَنَّ تَمَامَ الْمَنْفَعَةِ الْمَشْرُوطَةِ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ بِهِمَا. فَالْمُسَمَّى يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَيْضًا. .

- وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ: إنْ أَصَبْت رَأْسًا فَهُوَ لَك. فَأَصَابَ رَأْسَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمَا.

لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْخُصُوصِ فِي الْمُصِيبِ وَالْمُصَابِ، فَيَنْتَفِي مَعْنَى الْعُمُومِ عَنْهُ فِيهِمَا.

<<  <   >  >>