للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ مِائَةُ دِينَارٍ. فَهَذَا جَائِزٌ، وَهُوَ عَلَى رُءُوس الرِّجَالِ لَيْسَ عَلَى السَّبْيِ.

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّحْرِيضُ عَلَى الْقِتَالِ. وَمُطْلَقُ الْكَلَامِ يَتَقَيَّدُ بِمَا هُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ دَلَالَةِ الْحَالِ. فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ إنْسَانًا وَجَاءَ بِرَأْسِهِ اسْتَحَقَّ النَّفَلَ مِنْ الْغَنِيمَةِ كَمَا سَمَّى لَهُ الْإِمَامُ.

١٢٠٥ - فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ بِرَأْسٍ وَقَالَ: أَنَا قَتَلْتُهُ. وَقَالَ آخَرُ: بَلْ أَنَا قَتَلْتُهُ، وَهَذَا أَخَذَ بِرَأْسِهِ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي جَاءَ بِالرَّأْسِ.

لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ. فَإِنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ جَزِّ رَأْسِهِ وَالْمَجِيءِ بِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْقَاتِلُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: بِالظَّاهِرِ يُدْفَعُ الِاسْتِحْقَاقُ، وَحَاجَتُهُ إلَى إثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ.

قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ، وَهُوَ عِنْدَ قَتْلِ الْمُشْرِكِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدَيْنِ عَادَةً، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْكِيمِ الْعَلَامَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ.

وَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ فَالسَّلَبُ لَهُ.

لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ مَقْصُودَ الْأَمِيرِ التَّحْرِيضُ عَلَى الْقَتْلِ وَحَثُّ الْمُبَارِزِينَ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ، وَذَلِكَ فِعْلُ الْقَتْلِ دُونَ جَزِّ رَأْسِ الْمَقْتُولِ.

فَكَأَنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ كِنَايَةً عَنْ هَذَا. وَاللَّفْظُ مَتَى صَارَ مَجَازًا عَنْ غَيْرِهِ بِدَلِيلٍ سَقَطَ اعْتِبَارُ حَقِيقَتِهِ.

أَرَأَيْت (ص ٢٣٩) أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ مُشْرِكًا فَاجْتَرَّهُ أَصْحَابُهُ إلَيْهِمْ

<<  <   >  >>