للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا لَا يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ بِهِ، وَبِمَا لَيْسَ مَعَهُ عَلَامَةٌ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِدْقِهِ. فَلَوْ أُعْطِيَ شَيْئًا إنَّمَا يُعْطَى بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِالنَّصِّ.

١٢١٧ - وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ قَالَ حِينَ انْهَزَمَ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ. فَهَذَا أَيْضًا عَلَى رُءُوس الرِّجَالِ.

لِأَنَّ فِي انْهِزَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي آثَارِهِمْ يَقْتُلُونَهُمْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّحْرِيضُ عَلَى الِاتِّبَاعِ وَالْقَتْلِ.

وَلَوْ قَالَ الْإِمَامُ: عَنَيْت السَّبْيَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ.

لِأَنَّهُ أَضْمَرَ خِلَافَ مَا أَظْهَرَ، وَلَا طَرِيقَ لَهُمْ إلَى مَعْرِفَةِ مَا فِي ضَمِيرِهِ. فَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ فِي حَقِّهِمْ عَلَى مَا أَظْهَرَ وَعَلَى مَا عَلَيْهِ الْغَالِبُ مِنْ الْأُمُورِ، إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولَ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ مِنْ السَّبْيِ فَلَهُ كَذَا.

١٢١٨ - وَإِنْ كَانُوا قَدْ انْهَزَمُوا وَتَفَرَّقُوا وَكَفَّ الْمُسْلِمُونَ عَنْ الْقَتْلِ، وَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ كَذَا فَهَذَا عَلَى السَّبْيِ.

لِأَنَّهُ قَدْ انْقَضَى وَقْتُ الْقِتَالِ. وَإِنَّمَا الْآنَ وَقْتُ جَمْعِ الْغَنَائِمِ. فَعَرَفْنَا أَنَّ مُرَادَهُ التَّحْرِيضُ عَلَى الطَّلَبِ وَالْجَمْعِ. وَإِنْ قَالَ: عَنَيْت بِهِ رَأْسَ الْقَتِيلِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْحُكْمَ يُبْنَى عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ الْمُرَادِ فِي كُلِّ فَصْلٍ. .

١٢١٩ - وَلَوْ قَالَ فِي حَالَةِ الْقِتَالِ: مَنْ جَاءَ بِرَأْسَيْنِ فَلَهُ أَحَدُهُمَا فَهَذَا عَلَى السَّبْيِ. لِأَنَّهُ مَلَّكَهُ بَعْضَ مَا يَأْتِي بِهِ. وَذَلِكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي السَّبْيِ لَا فِي رَأْسِ الْقَتِيلِ. فَإِنَّهُ جِيفَةٌ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَعْنَى التَّحْرِيضِ بِخِلَافِ

<<  <   >  >>