للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فِيهِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ لِمَنْفَعَةِ السَّرْجِ، لَا لِلزِّينَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمَسَامِيرِ فِي الْأَبْوَابِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ سَفِينَةً مُضَبَّبَةً بِالْحَدِيدِ إنْ نُزِعَتْ تَخَلَّعَتْ السَّفِينَةُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.

وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: إنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي عَيْنٍ آخَرَ، لَا لِلزِّينَةِ بَلْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ، بِاسْمٍ غَيْرِ الِاسْمِ الَّذِي أَوْجَبَ بِهِ النَّفَلَ، لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الِاسْمُ. وَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا لِلزِّينَةِ (ص ٢٤٦) يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ. لِأَنَّ الزِّينَةَ صِفَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْمَطْلُوبُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ. ثُمَّ إنْ كَانَ يُنْزَعُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ فَاحِشٍ نُزِعَ لِحَقِّهِ. وَإِنْ تَفَاحَشَ الضَّرَرُ فِي نَزْعِهِ بِيعَ، فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ النَّفَلُ، وَقِيمَةُ مَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ النَّفَلُ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ انْصَبَغَ ثَوْبُ إنْسَانٍ بِصِبْغِ غَيْرِهِ، وَأَبَى صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَةَ الصِّبْغِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ الثَّوْبُ، وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا عَلَى قِيمَةِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. .

١٢٦٧ - وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ قَزًّا. فَهُوَ لَهُ. فَأَصَابَ قَبَاءً أَوْ جُبَّةً حَشْوُهَا قَزٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

لِأَنَّ الْحَشْوَ مُغَيَّبٌ. وَكَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ اتِّخَاذِهِ فِي الْقَبَاءِ، وَالْجُبَّةِ الِانْتِفَاعَ بِهِ دُونَ الزِّينَةِ. فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فِيهِ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمِثْلِ هَذَا الْقَبَاءِ لِلرِّجَالِ، وَإِنْ كَانَ لُبْسُ الْقَزِّ حَرَامًا لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْحَرْبِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: يَسْتَحِقُّ هَذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ: إذَا أَصَابَ ثَوْبًا سُدَاهُ قَزٌّ وَلُحْمَتُهُ غَيْرُ الْقَزِّ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ السُّدَى؟ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. .

١٢٦٨ - وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَصَابَ ثَوْبَ قَزٍّ فَهُوَ لَهُ. فَأَصَابَ جُبَّةً

<<  <   >  >>