للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] . وَبِهِ «أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَرَاءَ الْجُيُوشِ فَقَالَ: فَادْعُوهُمْ إلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» ، وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا يَظُنُّونَ أَنَّنَا نُقَاتِلُهُمْ طَمَعًا فِي أَمْوَالِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ وَلَوْ عَلِمُوا أَنَّا نُقَاتِلُهُمْ عَلَى الدِّينِ رُبَّمَا أَجَابُوا إلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقَعَ الْحَاجَةُ إلَى الْقِتَالِ. وَفِي تَقَدُّمِ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ دُعَاءٌ إلَى سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَيَجِبُ الْبِدَايَةُ بِهِ. فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَهُمْ الْإِسْلَامُ وَلَكِنْ لَا يَدْرُونَ أَنَا نَقْبَلَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ «لَا نُقَاتِلَهُمْ حَتَّى نَدْعُوَهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، بِهِ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَرَاءَ الْجُيُوشِ» ، وَهُوَ آخِرُ مَا يَنْتَهِي بِهِ الْقِتَالُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وَفِيهِ الْتِزَامُ بَعْضِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَالِانْقِيَادُ لَهُمْ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَيَجِبُ عَرْضُهُ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ. إلَّا أَنْ يَكُونُوا قَوْمًا لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ كَالْمُرْتَدِّينَ وَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: ١٦] .

<<  <   >  >>