إذْ لَا مِلْكَ لِأَحَدِ فِي الْعَيْنِ، وَلِهَذَا كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَهَا وَيُقَسِّمَ الثَّمَنَ، فَلَا يَكُونُ الْأَخْذُ بِالْقِيمَةِ مُفِيدًا لَهُمْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الْأَخْذِ إذَا كَانَ مُفِيدًا.
- وَلَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِينَ، أَوْ الَّذِينَ وَقَعَ ذَلِكَ فِي سِهَامِهِمْ، أَوْ الَّذِينَ رَمَوْا بِمَتَاعِهِمْ قَالُوا حِينَ رَمَوْا بِهِ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. فَأَخَذَ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لَهُمْ، أَخْرَجُوهُ أَوْ لَمْ يُخْرِجُوهُ.
لِأَنَّ هَذَا هِبَةٌ مِنْ الْمُلَّاكِ لِلْآخِذِينَ. وَقَدْ تَمَّتْ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِمْ. فَإِنْ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فِيهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ الْآخِذُونَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ.
- وَإِنْ أَخْرَجُوهُ أَوْ بَلَغُوهُ مَوْضِعًا يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى حَمْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِيهِ.
لِأَنَّهُ حَدَثَ فِيهِ زِيَادَةٌ بِصُنْعِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. فَإِنَّهُ كَانَ مُشْرِفًا عَلَى الْهَلَاكِ فِي مَضْيَعَةٍ، وَقَدْ أَحْيَاهُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، فَالزِّيَادَةُ فِي عَيْنِ الْمَوْهُوبِ تَمْنَعُ الْوَاهِبَ مِنْ الرُّجُوعِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ الْمَالِكِ مِنْهُ، أَوْ مِمَّنْ بَلَغَهُ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَع ذَلِكَ أَصْلًا إذَا أَخَذَ شَيْئًا فَأَخْرَجَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مَالِكِهِ. لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ بِمَقَالَتِهِ فَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ. فَيَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا مُتَمِّمًا لِلْهِبَةِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَهُوَ إنَّمَا أَخَذَهُ لَا عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الْإِعَانَةِ لِمَالِكِهِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ، فَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ بِهَذَا الْأَخْذِ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا إيجَابٌ لِمَجْهُولٍ، فَكَيْفَ يَصِحُّ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ هَذِهِ جَهَالَةٌ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ. فَالْمُلْكُ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute