للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمِيرُ مِصْرَ كَانَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ إلَى أَنْ يَقْدُمَ صَارِفُهُ

وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْمُسْلِمِينَ سُدًى لَيْسَ عَلَيْهِمْ مَنْ يُدَبِّرُ أُمُورَهُمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَا فِي دَارِ الْحَرْبِ. فَمَا لَمْ يَقْدُمْ الثَّانِي كَانَ التَّدْبِيرُ إلَى الْأَوَّلِ، فَيَصِحُّ مِنْهُ التَّنْفِيلُ. إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ كَتَبَ إلَيْهِ: إنَّا قَدْ عَزَلْنَاك وَاسْتَعْمَلْنَا فُلَانًا، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ هُوَ مَعْزُولًا لَا يَجُوزُ تَنْفِيلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ صَارَ أَمِيرًا بِخِطَابِ الْأَمِيرِ إيَّاهُ، عِنْدَ التَّقْلِيدِ. فَيَصِيرُ مَعْزُولًا بِخِطَابِهِ إيَّاهُ بِالْعَزْلِ. وَالْخِطَابُ مِمَّنْ نَأَى كَالْخِطَابِ مِمَّنْ دَنَا.

- وَلَوْ كَانَ الْأَمِيرُ الْأَوَّلُ حِينَ اُسْتُعْمِلَ أَمَرَ بِأَنْ يَدْخُلَ بِالْقَوْمِ أَرْضَ الْحَرْبِ فَلَمْ يَدْخُلْ بِهِمْ حَتَّى جَاءَهُ كِتَابُ الْإِمَامِ: إنَّا قَدْ أَمَّرْنَا فُلَانًا، فَلَا تَبْرَحْ حَتَّى يَأْتِيَك. فَعَجَّلَ فَدَخَلَ بِهِمْ أَرْضَ الْحَرْبِ وَنَفَلَ لَهُمْ نَفْلًا، فَذَلِكَ بَاطِلٌ.

لِأَنَّ نَهْيَ الْإِمَامِ إيَّاهُ عَنْ دُخُولِ أَرْضِ الْحَرْبِ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ بِكِتَابِهِ. فَصَارَ كَمَا لَوْ وَاجَهَهُ بِهِ.

- وَلَوْ وَاجَهَهُ بِذَلِكَ فَدَخَلَ بِهِمْ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَمْ يَكُنْ أَمِيرًا، فَلَا يَجُوزُ تَنْفِيلُهُ.

وَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ أَتَاهُ: إنَّك الْأَمِيرُ فَادْخُلْ بِهِمْ. فَإِذَا أَدْرَكَك

<<  <   >  >>