لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِهِ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ، وَرِضَاهُمْ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِمْ، فَصَارَ أَمِيرُهُمْ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى، كَمَا تَثْبُتُ بِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَثْبُتُ بِاجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَاحِدٍ؟
وَالْأَصْلُ فِيهِ إمَامَةُ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (ص ٢٧٠) فَكَذَلِكَ الْإِمَارَةُ عَلَى أَهْلِ السَّرِيَّةِ تَثْبُتُ بِاتِّفَاقِهِمْ كَمَا تَثْبُتُ بِتَقْلِيدِ الْإِمَامِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ أَهْلَ الْبَغْيِ لَوْ أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ أَمِيرًا وَدَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ فَنَفَلَ أَمِيرَهُمْ شَيْئًا ثُمَّ تَابُوا جَازَ مَا نَفَلَهُ أَمِيرُهُمْ؟ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا. .
- وَلَوْ أَنَّ الْخَلِيفَةَ غَزَا بِجُنْدٍ فَمَاتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ قُتِلَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْجُنْدِ: نُؤَمِّرُ فُلَانًا. فَأَمَّرُوهُ وَاعْتَزَلُوا. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: نُؤَمِّرُ فُلَانًا فَأَمَّرُوهُ، وَاعْتَزَلُوا. فَأَخَذَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ وَجْهًا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ، فَأَصَابُوا غَنَائِمَ، وَنَفَلَ كُلُّ أَمِيرٍ نَفْلًا لِقَوْمِهِ قَبْلَ الْخُمُسِ أَوْ بَعْدَ الْخُمُسِ، ثُمَّ الْتَقَوْا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ وَاصْطَلَحُوا، فَالْخَلِيفَةُ الَّذِي قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ يُنَفِّذُ تَنْفِيلَ كُلِّ أَمِيرٍ. بِاعْتِبَارِ أَنَّ قَوْمَهُ قَدْ رَضُوا بِهِ أَمِيرًا عَلَيْهِمَا، وَهُمْ الَّذِينَ أَصَابُوا مَا أَصَابُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ. فَيَجُوزُ تَنْفِيلُ كُلِّ أَمِيرٍ سَوَاءٌ الْتَقَوْا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ مَا خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ.
إلَّا أَنَّهُمْ إذَا الْتَقَوْا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَا بَقِيَ بَعْدَ النَّفْلِ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى سِهَامِ الْغَنِيمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute