أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ بَعْدَ مَا رَجَعُوا إلَى الْعَسْكَرِ يُبَاحُ لَهُمْ التَّنَاوُلُ مِنْ الطَّعَامِ كَمَا يُبَاحُ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ؟ وَفِي إبَاحَةِ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ الْمُصَابِ كَالْبَاقِي عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ بِخِلَافِ حُكْمِ التَّنْفِيلِ. .
- وَلَوْ أَنَّهُمْ أَصَابُوا غَنَمًا أَوْ بَقَرًا أَوْ رَمَكًا، فَاسْتَأْجَرَ الْأَمِيرُ مَنْ يَسُوقُهَا إلَى الْعَسْكَرِ فَذَلِكَ جَائِزٌ فِي حَقِّ أَصْحَابِ السَّرِيَّةِ وَحَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.
لِأَنَّهُ نَظَرَ لَهُمْ فِيمَا صَنَعَ. وَمَنْفَعَةُ فِعْلِهِ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا، بِخِلَافِ النَّفْلِ فَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْمُنَفِّلِينَ خَاصَّةً. فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَنْفِيلُهُ فِي حِصَّةِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ.
- وَلَوْ أَنَّ الْعَامِلَ كَانَ نَفَلَهُمْ الرُّبُعَ، ثُمَّ نَفَلَهُمْ أَمِيرَهُمْ حِينَ لَقُوا الْعَدُوَّ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ مِنْهُ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعُوا إلَى الْعَسْكَرِ حَتَّى رَجَعُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ نَفْلَ الْعَامِلِ لَهُمْ (ص ٢٧٢) بَاطِلٌ، وَنَفْلَ أَمِيرِهِمْ لَهُمْ جَائِزٌ.
لِأَنَّهُمْ حِينَ خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَلْقَوْا الْعَسْكَرَ مِنْهُمْ فِي الْمُصَابِ بِمَنْزِلَةِ السَّرِيَّةِ الْمَبْعُوثَةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ. وَإِنَّمَا نَفَلَ الْعَامِلُ لِجَمَاعَتِهِمْ بِالسَّرِيَّةِ.
وَهَذَا التَّنْفِيلُ بَاطِلٌ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ. وَلَا نَفْلَ لِلسَّرِيَّةِ الْأُولَى. فَأَمَّا نَفْلُ أَمِيرِهِمْ لَهُمْ فَحَصَلَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ لِبَعْضِ الْخَوَاصِّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالْحَقِّ فِي الْمُصَابِ.
- وَإِنْ رَجَعُوا إلَى الْعَسْكَرِ جَازَ نَفْلُ الْعَامِلِ لَهُمْ.
لِأَنَّ الْعَسْكَرَ شُرَكَاؤُهُمْ فِي الْمُصَابِ. فَكَانَ فِي هَذَا التَّنْفِيلِ إبْطَالُ شَرِكَةِ الْعَسْكَرِ مَعَهُمْ، فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ يَتَعَدَّى إلَى إبْطَالِ الْخُمُسِ وَتَفْضِيلِ الْفَارِسِ عَلَى الرَّاجِلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute