لِأَنَّ الْأَسِيرَ فَيْءٌ لَهُمْ، وَمَا أَصَابَهُ فَهُوَ كَسْبُهُ، وَكَسْبُ الْعَبْد لِمَوْلَاهُ. فَلِهَذَا كَانَ هُوَ مَعَ مَا جَاءَ بِهِ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ.
- وَلَوْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ، فَلَمَّا سَمِعُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ خَرَجُوا فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فَأَتَوْا بِهَا الْعَسْكَرَ. فَإِنْ كَانُوا وَصَلُوا إلَى مَوْضِعٍ قَدْ أَمِنُوا فِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَصَابُوا هَذَا الْمَالَ فَعَادُوا وَاسْتَأْمَنُوا عَلَيْهَا أَمَانًا مُسْتَقْبَلًا فَذَلِكَ كُلُّهُ لَهُمْ، لَا خُمْسَ فِيهَا.
لِأَنَّهُ بِوُصُولِهِمْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ قَدْ انْتَهَى حُكْمُ الْأَمَانِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَهُمْ أَهْلُ حَرْبٍ أَغَارُوا عَلَى أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَمَلَكُوهَا ثُمَّ اسْتَأْمِنُوا عَلَيْهَا.
- وَإِنْ كَانُوا أَصَابُوا ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَبْلُغُوا فِيهِ مَأْمَنَهُمْ فَذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ كَانُوا خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ كَانُوا خَرَجُوا بِإِذْنِهِ فَلَهُمْ النَّفَلُ مِنْ ذَلِكَ.
لِأَنَّ الْأَمَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَاقٍ مَا لَمْ يَبْلُغُوا مَأْمَنَهُمْ. فَحُكْمُهُمْ فِي هَذَا كَحُكْمِ الْمُسْتَأْمَنِينَ فِي عَسْكَرِنَا مِنْ أَهْلِ دَارٍ أُخْرَى. وَاَلَّذِي يُوَضِّحُ الْفَرْقَ بَيْنَ الَّذِينَ خَرَجُوا بِإِذْنِ الْأَمِيرِ وَاَلَّذِينَ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْأَمِيرِ وَالْمُسْلِمِينَ نُصْرَةُ الْخَارِجِينَ بِإِذْنِهِ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِينَ إذَا بَلَغَهُمْ أَنَّ الْعَدُوَّ أَحَاطُوا بِهِمْ، كَمَا يَجِبُ نُصْرَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ نُصْرَةُ الْخَارِجِينَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. فَكَذَلِكَ فِي حُكْمِ التَّنْفِيلِ الَّذِينَ خَرَجُوا بِإِذْنِهِ، بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ دُونَ الَّذِينَ خَرَجُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute