لَبَابٍ بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَطْمُورَةِ. وَبَابُ الْمَطْمُورَةِ الْبَابُ الْأَقْصَى. قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ بَابَ الْمَطْمُورَةِ عِنْدَ الْأَمِيرِ وَالْمُسْلِمِينَ حِينَ نُفِلَ كَانَ الْبَابَ الْأَوَّلَ، وَكَانُوا لَا يَتَجَاسَرُونَ عَلَى الدُّخُولِ فِيهِ، فَاَلَّذِينَ دَخَلُوهُ بَعْدَ التَّنْفِيلِ خَاطَرُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَتَوْا بِمَا أَوْجَبَ لَهُمْ الْإِمَامُ النَّفَلَ عَلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى جَمَاعَتُهُمْ مِائَةَ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ إنَّمَا أَوْجَبَ الْإِمَامُ ذَلِكَ لِلدَّاخِلَيْنِ. قُلْنَا: مُطْلَقُ الْكَلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَسَارَعُ إلَى الْأَفْهَامِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ الْمِائَةُ نَفْلًا. فَإِنَّهُ نَكَّرَ الْمِائَةَ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ غَيْرُ الْمُسْتَحَقِّ لِصَاحِبِهِ.
- وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ رَأْسٌ - بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ دَخَلَ فَلَهُ الرُّبْعُ مِنْ الْغَنِيمَةِ - فَدَخَلَ عَشْرَةٌ، فَلَهُمْ الرُّبْعُ بَيْنَهُمْ.
لِأَنَّ هُنَاكَ عُرْفًا مَا أَوْجَبَ لِلدَّاخِلَيْنِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْغَنِيمَةِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ مُرَادَهُ الْإِشْرَاكُ بَيْنَ الدَّاخِلِينَ فِي الْجُزْءِ الْمُسَمَّى. أَلَا تَرَى أَنَّ الدَّاخِلِينَ يَزِيدُونَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ عَادَةً، وَلَا تَكُون الْغَنِيمَةُ إلَّا أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ؟ فَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ مُرَادَهُ الْإِشْرَاكُ بَيْنَهُمْ فِي الرُّبْعِ وَإِنْ كَثُرُوا.
- وَإِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ ثُمَّ وَاحِدٌ هَكَذَا (ص ١٩١) حَتَّى كَمُلُوا عَشْرَةً. فَالرُّبْعُ بَيْنَهُمْ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَخَلُوا مَعًا.
لِأَنَّهُ أَوْجَبَ النَّفَلَ عَلَى الدُّخُولِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضَ بِجَمْعٍ أَوْ تَرْتِيبٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute