للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وَلَوْ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَجْذِفُونَ بِهِمْ فِي الْبَحْرِ فَهَذَا جَائِزٌ. لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ، وَهُوَ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إذَا لَقُوا الْعَدُوَّ أَوْ لَمْ يَلْقَوْهُمْ، وَأَنَّ الْمَلَّاحِينَ يَأْخُذُونَ الْأَجْرَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ حَلَالٌ لَهُمْ.

- وَلَوْ ظَفِرَ الْمُسْلِمُونَ بِغَنَائِمَ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَيْسَ مَعَهَا مَنْ يَمْنَعُهَا. فَقَالَ الْأَمِيرُ: مَنْ جَمَعَهَا فَلَهُ دِينَارٌ. فَهَذَا جَائِزٌ.

لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ فِي نَفْسِهِ. فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ.

- وَلَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمًا بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ لِيَبِيعَهَا فَهَذِهِ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ (ص ٢٨٤) ، إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْمُدَّةَ فَيَقُولُ: اسْتَأْجَرْتُكَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِكَذَا لِتَبِيعَ الْغَنَائِمَ.

لِأَنَّ عِنْدَ بَيَانِ الْمُدَّةِ، الْعَقْدُ يَتَنَاوَلُ مَنَافِعَهُ. وَلِهَذَا اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ النَّفْسِ، بَاعَ أَوْ لَمْ يَبِعْ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ فَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَدْ يَتِمُّ الْبَيْعُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ لَا يَتِمَّ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ. فَكَذَلِكَ لَا يَتَهَيَّأُ مِنْهُ الْبَيْعُ بِدُونِ مُسَاعِدَةِ الْمُشْتَرِي، فَلِهَذَا كَانَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْبَيْعِ فَاسِدًا. وَلَيْسَ هَذَا فِيمَنْ يَبِيعُ الْغَنَائِمَ خَاصَّةً، وَلَكِنْ فِي جَمِيعِ الْبَاعَةِ الْحُكْمُ هَكَذَا.

<<  <   >  >>