للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى.

وَذُكِرَ: عَنْ مَالِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيِّ قَالَ: كُنْت بِالْمَدِينَةِ، فَقَامَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ: هَلْ هَاهُنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَحَدٌ؟ فَقُلْت: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: فَإِذَا أَتَيْت مُعَاوِيَةَ فَأْمُرْهُ إنْ فَتْحَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ، ثُمَّ يَكْتُبَ فِي أَحَدِهَا اللَّهَ، ثُمَّ يُقْرِعُ، فَحَيْثُ مَا وَقَعَ فَلْيَأْخُذْهُ.

وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ أَنْ يَتَخَيَّرَ إذَا مَيَّزَ الْخُمُسَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، وَلَكِنَّهُ يُمَيِّزُ بِالْقُرْعَةِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَتْ الْغَنَائِمُ تُجَزَّأُ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ، ثُمَّ يُسْهَمُ عَلَيْهَا، فَمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ فَهُوَ لَهُ، وَلَا يَتَخَيَّرُ.

فَكَأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ كُلَّ أَمِيرٍ مَنْدُوبٌ إلَى مُرَاعَاةِ قُلُوبِ الرَّعِيَّةِ، وَإِلَى نَفْيِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ وَالْأَثَرَةِ عَنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِاسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ. وَلِهَذَا تُسْتَعْمَلُ الْقُرْعَةُ فِي قِسْمَةِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ بَيْنَ الْعُرَفَاءِ، ثُمَّ يَسْتَعْمِلُ كُلُّ عَرِيفٍ الْقُرْعَةَ فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَ مَنْ تَحْتَ رَايَتِهِ. فَكَذَلِكَ يَسْتَعْمِلُ الْقُرْعَةَ فِي تَمْيِيزِ الْخُمُسِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ.

<<  <   >  >>