وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُسْهِمُ لِلْمَمْلُوكِينَ» .
وَرَوَى «أَنَّ شُقْرَانَ غُلَامَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَهِدَ بَدْرًا مَعَهُ فَلَمْ يُسْهِمْ لَهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الْأَسَارَى فَجَزَاهُ كُلَّ رَجُلٍ مِنْ الْأَسَارَى، حَتَّى كَانَ حَظُّهُ كَحَظِّ رَجُلٍ مِنْ الثَّمَانِيَةِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَقَدْ سَمَّاهُمْ فِي الْكِتَابِ» . وَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: «شَهِدْت خَيْبَرَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ، فَلَمْ يُسْهِمْ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» .
فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ رَضَخَ لِهَؤُلَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ. وَبِهِ نَقُولُ أَنَّهُ يُرْضَخُ لَهُمْ. وَهَذَا لِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ، وَلَا يُسَوَّى بَيْنَ التَّبَعِ وَالْمَتْبُوعِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، بِخِلَافِ الْخَيْلِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا الْمُسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ، فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ مَعْنَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ التَّبَعِ وَالْمَتْبُوعِ.
وَكَذَلِكَ (ص ٢٩٤) أَهْلُ الذِّمَّةِ أَتْبَاعٌ، فَإِنَّ فِعْلَهُمْ لَا يَكُونُ جِهَادًا فَيُرْضَخُ لَهُمْ وَلَا يُسْهَمُ، إلَّا أَنَّ عَطَاءً كَانَ يَقُولُ: إنْ خَرَجَ الْإِمَامُ بِهِمْ كُرْهًا فَلَهُمْ أَجْرُ مِثْلِهِمْ. وَابْنُ سِيرِينَ كَانَ يَقُولُ: يَضَعُ عَنْهُمْ الْجِزْيَةَ. وَمُرَادُهُمْ مِنْ ذَلِكَ بَيَانُ الرَّضْخِ أَنَّهُ يَكُونُ بِحَسَبِ الْعَنَاءِ وَالْقِتَالِ.
وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ: يُسْهَمُ لَهُمْ كَمَا يُسْهَمُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَرُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزَا بِأُنَاسٍ مِنْ الْيَهُودِ فَجَعَلَ لَهُمْ سُهْمَانًا مِثْلَ سُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ» . وَلِأَجْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute