للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ بَدَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَأَتْبَعَهُ وَأَخَذَ الْفَرَسَ مِنْهُ، وَقَدْ كَانُوا أَصَابُوا غَنَائِمَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فَرَسَهُ، وَأَصَابُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَاحِبُ الْفَرَسِ رَاجِلٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

لِأَنَّهُ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا، ثُمَّ اسْتِرْدَادُهُ الْفَرَسَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِمَنْزِلَةِ شِرَائِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُسْتَحْسَنِ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، فَإِنَّ هُنَاكَ كَانَ مُلْتَزِمًا مُؤْنَةَ الْفَرَسِ لِأَجْلِ الْقِتَالِ عَلَيْهِ حَتَّى دَنَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْغَاصِبُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، فَإِذَا اسْتَرَدَّهُ مِنْهُ جُعِلَ مَا اعْتَرَضَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ، وَهَاهُنَا مَا كَانَ مُلْتَزِمًا مُؤْنَةَ الْفَرَسِ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ وَلَا عِنْدَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَلَمْ يَكُنْ فَارِسًا بِهِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا صَارَ مُلْتَزِمًا مُؤْنَتَهُ لِلْقِتَالِ عَلَيْهِ حِينَ اسْتَرَدَّهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ الْآنَ.

- وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَهُوَ فَارِسٌ فِيمَا أُصِيبَ قَبْلَ اسْتِرْدَادِ الْفَرَسِ مِنْهُ.

لِأَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ فَارِسًا وَأُصِيبَتْ هَذِهِ الْغَنَائِمُ وَهُوَ فَارِسٌ، فَثَبَتَ لَهُ فِيهَا سَهْمُ الْفُرْسَانِ. ثُمَّ لَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِاسْتِحْقَاقِ الْفَرَسِ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ رَاجِلٌ فِيمَا أُصِيبَ بَعْدَ ذَلِكَ. لِأَنَّ الْفَرَسَ أُخِذَ مِنْهُ بِحَقٍّ.

- وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ صَاحِبُ الْفَرَسِ أَعَارَهُ إيَّاهُ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَغَزَا بِنَفْسِهِ، فَلَمَّا الْتَقَيَا فِي دَارِ الْحَرْبِ اسْتَرَدَّ الْفَرَسَ مِنْهُ، فَهَذَا كَالْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا.

<<  <   >  >>