فَإِنْ قِيلَ: قَدْ انْفَصَلَ هُوَ عَلَى فَرَسٍ مَمْلُوكٍ لَهُ، ثُمَّ أُزِيلَ مِلْكُهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا بِاخْتِيَارِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَارِسًا، كَمَا لَوْ أَخَذَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَأَحْرَزُوهُ. قُلْنَا: إنَّمَا أُخِذَ الْفَرَسُ مِنْهُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ شَرْعًا. وَذَلِكَ الْحَقُّ كَانَ سَابِقًا عَلَى دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَيَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا كَانَ تَمَكُّنُهُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْفَرَسِ مُقَيَّدًا بِمَا قَبْلَ رُجُوعِ الْوَاهِبِ.
١٧٤٢ - وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ الْوَاهِبُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبُوا شَيْئًا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَارِسًا بَعْدَ رُجُوعِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا رَجَعَ بَعْدَ مَا أُصِيبَ بَعْضُ الْغَنَائِمِ.
١٧٤٣ - وَلَوْ جُعِلَ هُوَ فَارِسًا بِهَذَا الْمِقْدَارِ أَدَّى إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ أَفْرَاسٍ فَوَهَبَ مِنْ كُلِّ رَاجِلٍ مِنْ الرَّجَّالَةِ فَرَسًا حَتَّى دَخَلُوا عَلَيْهَا دَارَ الْحَرْبِ ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْأَفْرَاسَ مِنْهُمْ أَنْ يَكُونُوا فُرْسَانًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ فِيمَا يُصِيبُونَ. وَهَذَا بَعِيدٌ. فَإِنَّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْبُعْدِ لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ يَقُولَ إذَا أَعَادَ الْأَفْرَاسَ مِنْهُمْ ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ: كَانُوا فُرْسَانًا أَيْضًا، إذْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ عِنْدَ الِانْفِصَالِ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْقِتَالِ عَلَى الْأَفْرَاسِ، إلَى أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا صَاحِبُهَا. وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى فَرَسًا شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهُ وَدَخَلَ عَلَيْهِ دَارَ الْحَرْبِ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ ثَابِتٌ لِفَسَادِ الْبَيْعِ، كَحَقِّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ، بَلْ أَظْهَرُ. فَالْبَائِعُ هَاهُنَا مَأْمُورٌ بِالِاسْتِرْدَادِ شَرْعًا، وَالْوَاهِبُ مَنْهِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute