بِالْعَدُوِّ بَعْدَ مَا أَصَابُوا الْغَنَائِمَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الْبَشِيرَ إلَّا سَهْمَهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ، فَارِسًا كَانَ أَوْ رَاجِلًا.
لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ قَدْ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْغَانِمِينَ، فَلَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْهَا أَحَدًا شَيْئًا بِغَيْرِ رِضَى الْمُسْلِمِينَ.
١٨٦٤ - وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ الْكُبَّةِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ: أَمَّا نَصِيبِي مِنْهَا فَهُوَ لَك. فَحِينَ تَحَرَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْكُبَّةَ مِنْ الشَّعْرِ مَعَ حَاجَتِهِ إلَى ذَلِكَ وَسُؤَالِهِ إيَّاهُ، وَكَانَ لَا يَمْنَعُ أَحَدًا شَيْئًا سَأَلَهُ، عَرَفْنَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ، إلَّا أَنَّ الْبَشِيرَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَلَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْخُمُسِ شَيْئًا لِحَاجَتِهِ. لِأَنَّ الْخُمُسَ مَصْرُوفٌ إلَى الْمُحْتَاجِينَ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ. وَقَدْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ بَشِيرًا، فَبَعْدَ إرْسَالِهِ أَوْلَى.
١٨٦٥ - فَإِنْ رِضَى الْمُسْلِمُونَ بِمَا يُعْطِي الْإِمَامُ الْبُشَرَاءَ، فَإِنْ كَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْغَنِيمَةِ، وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ دُونَ الْخُمُسِ.
لِأَنَّ رِضَاهُمْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي نَصِيبِهِمْ دُونَ الْخُمُسِ.
١٨٦٦ - وَإِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ فَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ بِغَيْرِ رِضَا الْغَانِمِينَ، وَرِضَاهُمْ مُعْتَبَرٌ فِي نَصِيبِهِمْ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute