لِأَنَّ الْغَنَائِمَ حَقُّهُمْ وَالدَّوَابَّ كَذَلِكَ لَهُمْ، فَفِي الْحَمْلِ عَلَيْهَا مُرَاعَاةُ النَّظَرِ لَهُمْ، فَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْخُمُسِ. فَإِنَّهُ تَبَعٌ لِحَقِّ الْغَانِمِينَ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِإِصَابَتِهِمْ. وَثُبُوتُ الْحُكْمِ فِي الْبَيْعِ كَثُبُوتِهِ فِي الْأَصْلِ.
وَإِنْ كَانَتْ فَضْلُ الْحُمُولَةِ مَعَ خَوَاصَّ مِنْهُمْ فَإِنْ طَابَتْ أَنْفُسُهُمْ بِأَنْ تُحْمَلَ الْغَنَائِمُ عَلَيْهَا فُعِلَ، وَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُكْرِهْهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
لِأَنَّ الدَّوَابَّ لِلْخَاصِّ مِنْهُمْ، وَالْغَنِيمَةَ لِعَامَّتِهِمْ، فَاعْتِبَارُ جَانِبِ غَيْرِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ يَمْنَعُهُ مِنْ حَمْلِهَا عَلَى دَابَّتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ، وَلَيْسَ حَقُّ الْبَعْضِ تَبَعًا لِحَقِّ الْبَعْضِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْمِلَ بَعْضَهُمْ عَلَى دَوَابِّ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، فَكَذَلِكَ حُكْمُ حَمْلِ الْغَنَائِمِ.
١٩٢٣ - ثُمَّ إذَا أَبَوْا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْسِمَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، حَتَّى يَتَوَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَمْلَ نَصِيبِهِ بِالطَّرِيقِ الَّذِي يُمْكِنُهُ.
لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ، إذْ لَوْ لَمْ يَقْسِمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ احْتَاجَ إلَى تَرْكِهَا وَفِيهِ إبْطَالُ حَقِّهِمْ عَنْهَا أَصْلًا.
١٩٢٤ - وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ تُجَّارٌ يَشْتَرُونَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُمْ.
لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُ الْقِسْمَةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (ص ٣٤٦) جَازَ الْبَيْعُ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ تَصَرُّفٌ يَبْتَنِي عَلَى تَأَكُّدِ الْحَقِّ.
ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ يَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ. وَلَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ إلَى الْخُرُوجِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute