للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نَقَلَ مِنْهُ أَصْحَابُ اخْتِلَافِ الْمُوَطَّآتِ نَحْوُ عِشْرِينَ نُسْخَةً، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ نُسْخَةً، وَقَدْ رَأَيْتُ الْمُوَطَّأَ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ غَرِيبٌ، وَلَمْ يَقَعْ لِأَصْحَابِ اخْتِلَافِ الْمُوَطَّآتِ، فَلِذَا لَمْ يَذْكُرُوا مِنْهُ شَيْئًا، انْتَهَى.

وَقَالَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ: رَوَى " الْمُوَطَّأَ " عَنْ مَالِكٍ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَبَيْنَ رِوَايَاتِهِمُ اخْتِلَافٌ مِنْ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ، وَأَكْبَرُهَا رِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ، وَمِنْ أَكْبَرِهَا وَأَكْثَرِهَا زِيَادَاتٍ رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: فِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ زِيَادَةٌ عَلَى سَائِرِ الْمُوَطَّآتِ نَحْوَ مِائَةِ حَدِيثٍ.

وَقَالَ السُّيُوطِيُّ: فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَحَادِيثُ يَسِيرَةٌ زِيَادَةً عَلَى سَائِرِ الْمُوَطَّآتِ مِنْهَا حَدِيثُ: " «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» " الْحَدِيثَ، وَبِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ صِحَّةُ قَوْلِ مَنْ عَزَا رِوَايَتَهُ إِلَى الْمُوَطَّأِ وَوَهْمُ مَنْ خَطَّأَهُ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.

وَمُرَادُهُ الرَّدُّ عَلَى قَوْلِ " فَتْحِ الْبَارِي ": هَذَا الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ الْمَشْهُورُونَ إِلَّا " الْمُوَطَّأَ "، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ فِي " الْمُوَطَّأِ " مُغْتَرًّا بِتَخْرِيجِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي " مُنْتَهَى الْآمَالِ ": لَمْ يَهِمْ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الرِّوَايَاتِ الشَّهِيرَةِ فَإِنَّهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَوْرَدَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ النَّوَادِرِ. وَقِيلَ: آخِرِ الْكِتَابِ بِثَلَاثِ وَرَقَاتٍ، وَتَارِيخُ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مَكْتُوبَةٌ فِي صَفَرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ يَسِيرَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الرِّوَايَاتِ مَشْهُورَةٌ، وَهِيَ خَالِيَةٌ مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ ثَابِتَةٍ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ.

وَفِي " الْإِرْشَادِ " لِلْخَلِيلِيِّ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: كُنْتُ سَمِعْتُ " الْمُوَطَّأَ " مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ مَالِكٍ فَأَعَدْتُهُ عَلَى الشَّافِعِيِّ لِأَنِّي وَجَدْتُهُ أَقْوَمَهُمْ.

وَقَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ يَقُولُ: أَثْبَتُ النَّاسِ فِي " الْمُوَطَّأِ " عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ التِّنِّيسِيُّ بَعْدَهُ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَهَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ أَنَّ الْقَعْنَبِيَّ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي الْمُوَطَّأِ، وَذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ فَإِنَّهُ عَاشَ بَعْدَ الشَّافِعِيِّ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَقْدِيمَهُ عِنْدَ مَنْ قَدَّمَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ سَمِعَ كَثِيرًا مِنَ الْمُوَطَّأِ مِنْ لَفْظِ مَالِكٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّمَاعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ أَثْبَتُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَثْبَتُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَوْثَقُهُمْ مَعْنُ بْنُ عِيسَى، انْتَهَى.

وَفِي " الدِّيبَاجِ " قَالَ النَّسَائِيُّ: ابْنُ الْقَاسِمِ ثِقَةٌ رَجُلٌ صَالِحٌ، سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَحْسَنَ حَدِيثَهُ وَأَصَحَّهُ عَنْ مَالِكٍ، لَيْسَ يَخْتَلِفُ فِي كَلِمَةٍ وَلَمْ يَرْوِ أَحَدٌ الْمُوَطَّأَ عَنْ مَالِكٍ أَثْبَتَ مِنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ عِنْدِي مِثْلَهُ، قِيلَ لَهُ: فَأَشْهَبُ؟ قَالَ: وَلَا أَشْهَبُ وَلَا غَيْرُهُ، وَهُوَ أَعْجَبُ مِنَ الْعَجَبِ، الْفَضْلُ وَالزُّهْدُ وَصِحَّةُ الرِّوَايَةِ وَحُسْنُ الْحَدِيثِ، حَدِيثُهُ يَشْهَدُ لَهُ، انْتَهَى.

فَقَدِ اخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنِ النَّسَائِيِّ فِي أَثْبَتِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَثْبَتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>