وَحَكَى ابْنُ التِّينِ فَتْحَ هَمْزَةِ " أَنْ " عَلَى جَعْلِهَا مَصْدَرِيَّةً؛ أَيْ: عِلْمُنَا كَوْنَكَ مُؤْمِنًا بِهِ وَرَدَّهُ بِدُخُولِ اللَّامِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الْمَصَابِيحِ بِأَنَّ اللَّامَ إِنَّمَا تُمْنَعُ إِذَا جُعِلَتْ لَامَ ابْتِدَاءٍ عَلَى رَأْيِ سِيبَوَيْهِ وَمَنْ تَابَعَهُ، أَمَّا عَلَى رَأْيِ الْفَارِسِيِّ وَابْنِ جِنِّيٍّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلِابْتِدَاءِ اجْتُلِبَتْ لِلْفَرْقِ، فَيَسُوغُ الْفَتْحُ بَلْ يَتَعَيَّنُ لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: أَرَادَ بِالنَّوْمِ الْعَوْدَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، سَمَّاهُ نَوْمًا لِمَا صَحِبَهُ مِنَ الرَّاحَةِ وَصَلَاحِ الْحَالِ، انْتَهَى.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: " «فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ نَوْمَةَ عَرُوسٍ، فَيَكُونُ فِي أَحْلَى نَوْمَةٍ نَامَهَا أَحَدٌ حَتَّى يُبْعَثَ» " وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «وَيُقَالُ لَهُ: نَمْ، فَيَنَامُ نَوْمَةَ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ» "، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا» " وَلِابْنِ حِبَّانَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: " «وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مِتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» " وَفِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ: " «ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُمْلَأُ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ» " وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ» " وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: " «فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي، أَفْرِشُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا فِي الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنَ الْجَنَّةِ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا، وَيُفْسَحُ لَهُ مُدَّ بَصَرِهِ» " زَادَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَيَزْدَادُ غِبْطَةً وَسُرُورًا، وَيُعَادُ الْجِلْدُ إِلَى مَا بَدَا مِنْهُ، وَتُجْعَلُ رُوحُهُ فِي نَسَمَةِ طَائِرٍ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ» " (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ) مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ بِقَلْبِهِ بِنُبُوَّتِهِ (أَوِ الْمُرْتَابُ) الشَّاكُّ قَالَتْ فَاطِمَةُ: (لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُرَاعُونَ الْأَلْفَاظَ فِي الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُجِزْ مَالِكٌ الْإِخْبَارَ بِالْمَعَانِي فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْأَلْفَاظِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ إِذَا كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا، رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ ( «فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقَلْتُهُ» ) زَادَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " «فَيَقُولَانِ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ» " وَلِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: " «لَا دَرَيْتَ وَلَا أَفْلَحْتَ، وَيَضْرِبَانِهِ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً» " وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: " «لَوْ ضُرِبَ بِهَا جَبَلٌ لَصَارَ تُرَابًا» " وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ: " «وَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ دَابَّةٌ فِي قَبْرِهِ مَعَهَا سَوْطٌ تَمْرَتُهُ جَمْرَةٌ مِثْلُ عُرْفِ الْبَعِيرِ تَضْرِبُهُ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا تَسْمَعُ صَوْتَهُ فَتَرْحَمَهُ» " وَزَادَ فِي أَحَادِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَائِشَةَ: " «ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَنْزِلُكَ لَوْ آمَنْتَ بِرَبِّكَ، وَأَمَّا إِذْ كَفَرْتَ فَإِنَّ اللَّهَ أَبْدَلَكَ هَذَا وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى النَّارِ» " زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَيَزْدَادُ حَسْرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute