قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» .
وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ أَيْضًا أَنَّهُ لَغَطَ نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَإِنَّهَا ذَهَبَتْ لِتُسْكِتَهُنَّ، فَاسْتَفْهَمَتْ عَائِشَةُ عَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْحَافِظُ: فَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهَا احْتَاجَتْ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهَا لَمَّا حَدَّثَتْ فَاطِمَةَ لَمْ تُبَيِّنْ لَهَا الِاسْتِفْهَامَ الثَّانِيَ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّجُلِ الَّذِي اسْتَفْهَمَتْ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْآنِ (يُؤْتَى أَحَدُكُمْ) قِي قَبْرِهِ، وَالْآتِي مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: الْمُنْكَرُ، وَالْآخَرِ: النَّكِيرُ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَكَذَا ابْنُ حِبَّانَ، لَكِنْ قَالَ: يُقَالُ لَهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: أَعْيُنُهُمَا مِثْلُ قُدُورِ النُّحَاسِ، وَأَنْيَابُهُمَا مِثْلُ صَيَاصِي الْبَقَرِ، وَأَصْوَاتُهُمَا مِثْلُ الرَّعْدِ، زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: يَحْفِرَانِ بِأَنْيَابِهِمَا وَيَطَآنِ فِي أَشْعَارِهِمَا مَعَهُمَا مِرْزَبَّةٌ لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهَا أَهْلُ مِنًى لَمْ يُقِلُّوهَا.
وَأَوْرَدَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ حَدِيثًا فِيهِ أَنَّ فِيهِمْ رُومَانُ وَهُوَ كَبِيرُهُمْ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ اسْمَ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُذْنِبَ مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، وَاسْمُ اللَّذَيْنِ يَسْأَلَانِ الْمُطِيعَ بِشْرٌ وَبَشِيرٌ ( «فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ» ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ (بِهَذَا الرَّجُلِ) مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَقُلْ: بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لِئَلَّا يَصِيرَ تَلْقِينًا لِحُجَّتِهِ، قَالَ عِيَاضٌ: قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُثِّلَ لِلْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ سُمِّيَ لَهُ، انْتَهَى. أَيْ: لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ أَنَسٍ: فَيَقُولَانِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَعَدَلَ عَنِ الْجَمْعِ فِي إِنَّكُمْ تُفْتَنُونَ إِلَى الْمُفْرَدِ فِي مَا عِلْمُكَ؛ لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ؛ أَيْ: كُلُّ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ، عَنِ الْعِلْمِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَكَذَا الْجَوَابُ بِخِلَافِ الْفِتْنَةِ.
(فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ) أَيِ: الْمُصَدِّقُ بِنُبُوَّتِهِ (لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ) الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ (قَالَتْ أَسْمَاءُ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ، بَيَّنَتْ فَاطِمَةُ أَنَّهَا شَكَّتْ هَلْ قَالَتِ: الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ؟ قَالَ الْبَاجِيُّ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُؤْمِنُ لِقَوْلِهِ: " فَآمَنَّا " دُونَ أَيْقَنَّا، وَلِقَوْلِهِ: " لَمُؤْمِنًا " ( «فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ» ) الْمُعْجِزَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ (وَالْهُدَى) الدَّلَالَةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْبُغْيَةِ، (فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا) بِحَذْفِ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ لِلْعِلْمِ بِهِ فِي الثَّلَاثَةِ؛ أَيْ: قَبْلِنَا نُبُوَّتَهُ مُصَدِّقِينَ مُتَّبِعِينَ (فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ) حَالَ كَوْنِكَ (صَالِحًا) مُنْتَفِعًا بِأَعْمَالِكَ، إِذِ الصَّلَاحُ كَوْنُ الشَّيْءِ فِي حَدِّ الِانْتِفَاعِ (قَدْ عَلِمْنَا إِنْ) بِالْكَسْرِ؛ أَيْ: لِلشَّأْنِ (كُنْتُ لَمُؤْمِنًا) وَفِي رِوَايَةِ الْأُوَيْسِيِّ: " لَمُوقِنًا " بِالْقَافِ وَاللَّامِ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ إِنِ الْمُخَفَّفَةِ وَبَيْنَ النَّافِيَةِ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ " إِنَّ " بِمَعْنَى مَا، وَاللَّامُ بِمَعْنَى إِلَّا؛ أَيْ: مَا كُنْتُ إِلَّا مُؤْمِنًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤] (سُورَةُ الطَّارِقِ: الْآيَةُ ٤) أَيْ: مَا كَلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute