للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَزَايٍ، ابْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ الْأَسَدِيِّ، صَحَابِيٌّ ابْنُ صَحَابِيٍّ، وَمَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اسْتُشْهِدَ بَأَجْنَادِينَ (يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ) وَغَلِطَ مَنْ قَالَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ (عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَنِيهَا) وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ: " «فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» "، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَيَانُ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا كَانَ فِي حُرُوفٍ مِنَ السُّورَةِ لَا فِي السُّورَةِ كُلِّهَا وَهِيَ تَفْسِيرٌ لِرِوَايَةِ مَالِكٍ ; لِأَنَّ سُورَةً وَاحِدَةً لَا تُقْرَأُ حُرُوفُهَا كُلُّهَا عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ، بَلْ لَا يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ كَلِمَةٌ تُقْرَأُ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ مِثْلَ: {رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} [سبأ: ١٩] (سُورَةُ سَبَأٍ: الْآيَةُ ١٩) وَ {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} [المائدة: ٦٠] (سُورَةُ الْمَائِدَةِ: الْآيَةُ ٦٠) وَ {إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا} [البقرة: ٧٠] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٧٠) وَ {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف: ١٦٥] (سُورَةُ الْأَعْرَافِ: الْآيَةُ ١٦٥) وَنَحْوُهُ، (فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَفِي رِوَايَةِ " أُعَجِّلُ " بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُشَدَّدَةٍ أَيْ أُخَاصِمُهُ وَأُظْهِرُ بَوَادِرَ غَضَبِي عَلَيْهِ، (ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ) مِنَ الصَّلَاةِ فَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ. وَأُسَاوِرُهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ آخُذُ بِرَأْسِهِ أَوْ أُوَاثِبُهُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ انْصَرِفُ مِنَ الْقِرَاءَةِ كَمَا زَعَمَ الْكَرْمَانِيُّ، (ثُمَّ لَبَّبْتُهُ) بِمُوَحَّدَتَيْنِ أُولَاهُمَا مُشَدَّدَةٌ، وَقَالَ عِيَاضٌ: التَّخْفِيفُ أَعْرَفُ (بِرِدَائِهِ) : أَيْ أَخَذْتُ بِمَجَامِعِهِ وَجَعَلْتُهُ فِي عُنُقِهِ وَجَرَرْتُهُ بِهِ لِئَلَّا يَنْفَلِتَ، مَأْخُوذٌ مِنَ اللَّبَةِ بِفَتْحِ اللَّامِ ; لِأَنَّهُ يَقْبِضُ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا فَعَلَ عُمَرُ ذَلِكَ اعْتِنَاءً بِالْقُرْآنِ وَذَبًّا عَنْهُ وَمُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِهِ كَمَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِ عُدُولٍ إِلَى مَا تَجَوَّزَهُ الْعَرَبُ مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الشِّدَّةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ.

زَادَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: " فَقُلْتُ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ ". وَفِيهِ إِطْلَاقُ الْكَذِبِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا مِنْهُ لِظَنِّهِ أَنَّ هِشَامًا خَالَفَ الصَّوَابَ، وَسَاغَ لَهُ ذَلِكَ لِرُسُوخِ قَدَمِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَسَابِقَتِهِ، بِخِلَافِ هِشَامٍ فَإِنَّهُ مِنْ مُسْلَمَةِ الْفَتْحِ فَخَشِيَ أَنْ لَا يَكُونَ أَتْقَنَ الْقِرَاءَةَ، وَلَعَلَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ حَدِيثَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ قَبْلَ ذَلِكَ (فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ) وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: " «فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا) » ، وَفِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: " عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا ". (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْسِلْهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>