وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ فَلَمْ يَسْجُدْ وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْإِمَامُ إِذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيَسْجُدَ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ عَزَائِمَ سُجُودِ الْقُرْآنِ إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ يَقْرَأُ مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ شَيْئًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَالسَّجْدَةُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ سَجْدَةً فِي تَيْنِكَ السَّاعَتَيْنِ سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَرَأَ سَجْدَةً وَامْرَأَةٌ حَائِضٌ تَسْمَعُ هَلْ لَهَا أَنْ تَسْجُدَ قَالَ مَالِكٌ لَا يَسْجُدُ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَّا وَهُمَا طَاهِرَانِ وَسُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ قَرَأَتْ سَجْدَةً وَرَجُلٌ مَعَهَا يَسْمَعُ أَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ مَعَهَا إِنَّمَا تَجِبُ السَّجْدَةُ عَلَى الْقَوْمِ يَكُونُونَ مَعَ الرَّجُلِ فَيَأْتَمُّونَ بِهِ فَيَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُونَ مَعَهُ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ سَمِعَ سَجْدَةً مِنْ إِنْسَانٍ يَقْرَؤُهَا لَيْسَ لَهُ بِإِمَامٍ أَنْ يَسْجُدَ تِلْكَ السَّجْدَةَ
ــ
٤٨٢ - ٤٨٥ - (مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ) فِيهِ انْقِطَاعٌ، فَعُرْوَةُ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَلَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ (بْنَ الْخَطَّابِ قَرَأَ سَجْدَةً) أَيْ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، وَهِيَ سُورَةُ النَّحْلِ (وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَنَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ) هَكَذَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ، وَهِيَ الَّتِي عِنْدَ أَبِي عُمَرَ، وَيَقَعُ فِي نُسَخٍ: وَسَجَدْنَا مَعَهُ. قَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنَّ عُرْوَةَ أَرَادَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَأَضَافَ الْخِطَابَ إِلَيْهِ ; لِأَنَّهُ مَنْ جُمْلَتِهِمْ، وَإِلَّا فَهُوَ غَلَطٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ.
(ثُمَّ قَرَأَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَتَهَيَّأَ النَّاسُ لِلسُّجُودِ، فَقَالَ: عَلَى رِسْلِكُمْ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ هَيْئَتِكُمْ (إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكْتُبْهَا) لَمْ يَفْرِضْهَا (عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَشَاءَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، أَيْ لَكِنَّ ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى مَشِيئَةِ الْمَرْءِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَلَمْ يَسْجُدْ وَمَنَعَهُمْ أَنْ يَسْجُدُوا) وَفِي عَدَمِ إِنْكَارِ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَنَّهُ إِجْمَاعٌ، وَلَعَلَّ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ تَعْلِيمًا لِلنَّاسِ، وَخَافَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فَبَادَرَ إِلَى حَسْمِهِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ. " أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ السَّجْدَةُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ " وَزَادَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ "، قَالَ الْحَافِظُ: اسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: إِلَّا أَنْ نَشَاءَ، عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ فِي السُّجُودِ فَيَكُونُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَجَابَ مَنْ أَوْجَبَهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى إِلَّا أَنْ نَشَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute