الْحَالِ قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ، وَأَمَّا (أَيُّهُمْ) فَرُوِّينَاهُ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَكْتُبُهُنَّ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ وَغَيْرُهُ تَبَعًا لِأَبِي الْبَقَاءِ فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: ٤٤] (سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَةُ ٤٤) قَالَ: وَهُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ (يُلْقُونَ) ، وَأَيُّ اسْتِفْهَامِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ مَقُولٌ فِيهِمْ أَيُهِمُّ يَكْتُبُهُنَّ، وَيَجُوزُ نَصْبُ (أَيُّهُمْ) بِأَنْ يُقَدَّرَ الْمَحْذُوفُ (يَنْظُرُونَ أَيَّهُمْ) عَلَى قَوْلِ سِيبَوَيْهِ (أَيُّ) مَوْصُولَةٌ، وَالتَّقْدِيرُ يَبْتَدِرُونَ الَّذِي يَكْتُبُهُنَّ أَوَّلُ، وَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ، وَاسْتَشْكَلَ تَأْخِيرُ رِفَاعَةَ إِجَابَةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى كَرَّرَ سُؤَالَهُ ثَلَاثًا مَعَ أَنَّ إِجَابَتَهُ وَاجِبَةٌ، بَلْ وَعَلَى مَنْ سَمِعَ رِفَاعَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْأَلِ الْمُتَكَلِّمَ وَحْدَهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعَيِّنْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ لَمْ تَتَعَيَّنِ الْمُبَادَرَةُ بِالْجَوَابِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِ، وَلَا مِنْ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُمُ انْتَظَرُوا بَعْضَهُمْ لِيُجِيبَ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ خَشْيَةُ أَنْ يَبْدُوَ فِي حَقِّهِ شَيْءٌ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِيمَا فَعَلَ، وَرَجَوْا أَنْ يُعْفَى عَنْهُ فَفَهِمَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَلِكَ فَقَالَ مَنِ الْقَائِلُ الْكَلِمَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا، فَقَالَ: أَنَا قُلْتُهَا لَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا خَيْرًا كَمَا فِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ.
وَعِنْدَ ابْنِ قَانِعٍ قَالَ رِفَاعَةُ: فَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ مَالِي وَأَنِّي لَمْ أَشْهَدْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تِلْكَ الصَّلَاةَ.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: فَسَكَتَ الرَّجُلُ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ هَجَمَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى شَيْءٍ كَرِهَهُ فَقَالَ: مَنْ هُوَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِلَّا صَوَابًا، قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتُهَا أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَلِّينَ لَمْ يَعْرِفُوهُ بِعَيْنِهِ لِإِقْبَالِهِمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ أَوْ لِأَنَّهُ فِي آخِرِ الصُّفُوفِ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ فِي حَقِّهِمْ، قَالَ الْبَاجِيُّ: لَمْ يَرَ مَالِكٌ الْعَمَلَ عَلَى حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، وَكَرِهَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَقُولَهُ، يُرِيدُ لَمْ يَرَهَا مِنَ الْأَقْوَالِ الْمَشْرُوعَةِ كَالتَّكْبِيرِ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الصَّلَاةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَأَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ بِهِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مُسْلِمٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute