فآذِنُونِي) بِالْمَدِّ أَعْلِمُونِي (بِهَا) لِشُهُودِ جَنَازَتِهَا وَالِاسْتِغْفَارِ لَهَا ; لِأَنَّ لَهَا مِنَ الْحَقِّ فِي بَرَكَةِ دُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لِلْأَغْنِيَاءِ، قَالَهُ الْبَاجِيُّ فَمَاتَتْ (فَخُرِجَ بِجَنَازَتِهَا لَيْلًا) لِجَوَازِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرَهَا لِلنَّهَارِ لِيَكْثُرَ مَنْ يَحْضُرُهَا دُونَ مَشَقَّةٍ وَلَا تَكَلُّفٍ، فَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: فَأَتَوْهُ لِيُؤْذِنُوهُ فَوَجَدُوهُ نَائِمًا وَقَدْ ذَهَبَ اللَّيْلُ (فَكَرِهُوا أَنْ يُوقِظُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِجْلَالًا لَهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُوقَظُ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ، زَادَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: وَتَخَوَّفُوا عَلَيْهِ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَهَوَامَّ الْأَرْضِ، قَالَ: فَدَفَنَّاهَا (فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِهَا) بَعْدَ سُؤَالِهِ، فَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ سَأَلَ عَنْهَا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحِ، وَفِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ الَّذِي أَجَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سُؤَالِهِ عَنْهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ (فَقَالَ: أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تُؤْذِنُونِي بِهَا؟) قَالَ ذَلِكَ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِأَمْرِهِ وَنَهْيًا عَنِ الْعَوْدِ لِمِثْلِهِ (فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا أَنْ نُخْرِجَكَ لَيْلًا وَنُوقِظَكَ) وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فَقَالُوا: " «أَتَيْنَاكَ لِنُؤْذِنَكَ بِهَا فَوَجَدْنَاكَ نَائِمًا فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ وَتَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَهَوَامَّ الْأَرْضِ» " وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ: فَحَقَّرُوا شَأْنَهَا، وَلِمُسْلِمٍ: وَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا، زَادَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَفْعَلُوا ادْعُونِي لِجَنَائِزِكُمْ " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " «فَلَا تَفْعَلُوا لَا يَمُوتَنَّ فِيكُمْ مَيِّتٌ مَا كُنْتُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ إِلَّا آذَنْتُمُونِي بِهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَةٌ» "، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ.
(فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صَفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا) فَصَلَّى (وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْد الطَّبَرَانِيِّ: وَقَالَ: " «إِنِّي رَأَيْتُهَا فِي الْجَنَّةِ تَلْقُطُ الْقَذَى مِنَ الْمَسْجِدِ» " وَهَذَا مَقْصُودُ التَّرْجَمَةِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ فَقَالَ بِمَشْرُوعِيَّتِهِ الْجُمْهُورُ وَمِنْهُمْ: الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَنْعُهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَعَنْهُمْ: إِنْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ شُرِعَ وَإِلَّا فَلَا، وَأَجَابُوا بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَرَدَّهُ ابْنُ حِبَّانَ بِأَنَّ تَرْكَ إِنْكَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْقَبْرِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي يَقَعُ بِالتَّبَعِيَّةِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا لِلْأَصَالَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ مَا زَادَهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ حِبَّانَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «فَصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا وَإِنَّ اللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute