للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِمْ» ". وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: " «فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِ لَهُ رَحْمَةٌ» ". وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى حَدِيثِ السَّوْدَاءِ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: يُرِيدُ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ إِنَّمَا هِيَ آثَارٌ بَصْرِيَّةٌ وَكُوفِيَّةٌ، وَلَمْ نَجِدْ عَلَى مَدَنِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، انْتَهَى. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى رَدِّ التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ بِأَنَّ الْقِصَّةَ وَرَدَتْ فِيمَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ تَنْسَحِبُ عَلَى ذَلِكَ.

ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ مَنْ يَرَى الصَّلَاةَ عَلَى الْقَبْرِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِلَّا بِقُرْبِ دَفْنِهِ، وَأَكْثَرُ مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ شَهْرٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: اخْتُلِفَ فِي أَمَدِ ذَلِكَ فَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِشَهْرٍ، وَقِيلَ مَا لَمْ تَبْلَ الْجُثَّةُ، وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ حِينَ مَوْتِهِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقِيلَ يَجُوزُ أَبَدًا، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا عَدَا قُبُورَ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا لِأَنَّا لَمْ نَكُنْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ عِنْدَ مَوْتِهِمْ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: رُوِيَتِ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سِتَّةِ وُجُوهٍ حِسَانٍ كُلِّهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: بَلْ مِنْ تِسْعَةٍ كُلُّهَا حِسَانٌ، وَسَاقَهَا كُلَّهَا بِأَسَانِيدِهِ فِي تَمْهِيدِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَالْخَمْسَةُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِسْكِينَةِ، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فِي صَلَاةِ الْمُصْطَفَى عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بَعْدَ دَفْنِهَا بِشَهْرٍ، وَحَدِيثُ الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَحٍ فِي صِلَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى قَبْرِ طَلْحَةَ بْنِ الْبَرَاءِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: " «اللَّهُمَّ الْقَ طَلْحَةَ يَضْحَكُ إِلَيْكَ وَتَضْحَكُ إِلَيْهِ» ". وَحَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ: " «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ وَقَدْ تُوُفِّيَتْ أُمُّ أَبِي أُمَامَةَ فَصَلَّى عَلَيْهَا» ". وَحَدِيثُ أَنَسٍ: " «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ» ". وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلْمِسْكِينَةِ وَغَيْرِهَا، وَكَذَا وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ كَمَا قَدَّمْنَا، وَهُوَ فِي الْمِسْكِينَةِ فَهِيَ عَشَرَةُ أَوْجُهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>