وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ فِيمَا نُرَى لِلْمَذَاهِبِ
ــ
٥٤٩ - ٥٥٢ - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ) بَلَاغُهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ عَنْ عَلِيٍّ (كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا) وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَجْلِسُ عَلَى الْقُبُورِ. (قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا نَهَى عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ) بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَقْعُدُوا عَلَى الْقُبُورِ» " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ. وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ. وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَأَنْ يَقْعُدَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ» " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (فِيمَا نُرَى) بِضَمِّ النُّونِ، أَيْ نَظُنُّ، زَادَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَضَّاحٍ: وَاللَّهُ أَعْلَمُ (لِلْمَذَاهِبِ) يُرِيدُ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ بِدَلِيلِ فِعْلِ عَلِيٍّ، وَالْقُعُودُ وَالْمَشْيُ مِثْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ عُقْبَةَ: مَا أُبَالِي قَضَيْتُ حَاجَتِي عَلَى الْقُبُورِ أَوْ فِي السُّوقِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ يُرِيدُ: لِأَنَّ الْمَوْتَى يَجِبُ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ كَالْأَحْيَاءِ لِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ عَلَى الْقُبُورِ، وَزَعَمَ ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ تَأْوِيلَ مَالِكٍ بَعِيدٌ ; لِأَنَّ الْحَدَثَ عَلَى الْقَبْرِ أَقْبَحُ مِنْ أَنْ يُكْرَهَ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْجُلُوسُ الْمُتَعَارَفُ، وَقَوْلُ النَّوَوِيِّ تَأْوِيلُهُ بَعِيدٌ أَوْ بَاطِلٌ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ مَا ظَنَّهُ مَالِكٌ ثَبَتَ مَرْفُوعًا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: " «إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقُبُورِ لَحَدَثِ غَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ» " أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ، وَقَدْ وَافَقَ مَالِكًا عَلَى عَدَمِ كَرَاهَةِ الْقُعُودِ الْحَقِيقِيِّ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ كَمَا نَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَثَرِ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَأَسْنَدَهُمَا بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إِنَّهُ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ الْقُبُورَ وَأَمَرَ بِزِيَارَتِهَا، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ لِظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلِرِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: " «رَآنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَّكِئٌ عَلَى قَبْرٍ فَقَالَ: لَا تُؤْذِ صَاحِبَ الْقَبْرِ» " إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute