للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَاهِدًا بِكَوْنِهِ شَهِيدًا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ الَّذِي يَشْهَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِبْلَاغِ الرُّسُلِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَشْهَدُ لَهُ بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ تَشْهَدُ لَهُ بِحُسْنِ الِاتِّبَاعِ لَهُمْ، وَقِيلَ: لِأَنَّ اللَّهَ يَشْهَدُ لَهُ بِحُسْنِ نِيَّتِهِ وَإِخْلَاصِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ الْمَلَائِكَةَ عِنْدَ احْتِضَارِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يُشَاهِدُ الْمَلَكُوتَ مِنْ دَارِ الدُّنْيَا وَدَارِ الْآخِرَةِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ عَلَيْهِ عَلَامَةً شَاهِدَةً أَيْ حَاضِرَةً بِأَنَّهُ قَدْ نَجَا.

وَبَعْضُ هَذِهِ يَخْتَصُّ بِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَبَعْضُهَا يَعُمُّ غَيْرَهُ، وَبَعْضُهَا قَدْ يُنَازَعُ فِيهِ، وَقَدْ زَادَ عَلَى هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: " «الْمَيِّتُ عَلَى فِرَاشِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» " وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ رَاشِدِ بْنِ حُبَيْشٍ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ وَالسِّلُّ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ. وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» " وَقَالَ فِي الدِّينِ وَالدَّمِ وَالْأَهْلِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَلِلنَّسَائِيِّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» " وَلِأَبِي دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا: " «مَنْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى أَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ شَهِيدٌ» ".

وَلِابْنِ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَالصَّابُونِيِّ فِي الْمِائَتَيْنِ عَنْ جَابِرٍ كُلُّهُ مَرْفُوعًا: " «مَوْتُ الْغَرِيبِ شَهَادَةٌ» ". وَلِلْطَبَرَانِيِّ مِنْ «حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ اللَّدِيغَ وَالشَّرِيقَ وَالَّذِي يَفْتَرِسُهُ السَّبُعُ وَالْخَارُّ عَنْ دَابَّتِهِ شَهِيدٌ» ، وَفِي أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ: " «الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ» "، وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا أَحَادِيثُ فِي مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ أَنَّهُ يُكْتَبُ شَهِيدًا.

وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: " «مَنْ تَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ الْجِبَالِ شَهِيدٌ» وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: " «لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ مُحْتَسِبًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ» "، فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ خَصْلَةً زَائِدَةً عَلَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ذَكَرَ الْحَافِظُ أَنَّ طُرُقَهَا جَيِّدَةٌ، وَأَنَّهُ وَرَدَتْ خِصَالٌ أُخْرَى فِي أَحَادِيثَ لَمْ أُعَرِّجْ عَلَيْهَا لِضَعْفِهَا، انْتَهَى.

وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " صَاحِبُ الْحُمَّى " وَابْنُ مَنْدَهْ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: " «الْمَيِّتُ فِي السِّجْنِ وَقَدْ حُبِسَ ظُلْمًا» "، وَالدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. " الْمَيِّتُ عِشْقًا وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: " «الْمَيِّتُ وَهُوَ طَالِبٌ لِلْعِلْمِ» قَالَ الْبَاجِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ التِّينِ: هَذِهِ مِيتَاتٌ فِيهَا شِدَّةُ الْأَلَمِ فَتَفَضَّلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ جَعَلَهَا تَمْحِيصًا لِذُنُوبِهِمْ وَزِيَادَةً فِي أُجُورِهِمْ حَتَّى يُبَلِّغَهُمْ بِهَا مَرَاتِبَ الشُّهَدَاءِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَذْكُورِينَ لَيْسُوا فِي الْمَرْتَبَةِ سَوَاءً، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ، وَالدَّارِمِيُّ وَأَحْمَدُ وَالطَّحَاوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبَشِيٍّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>