قَالَ: مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ» " وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ لَهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " «كُلُّ مَوْتَةٍ يَمُوتُ بِهَا الْمُسْلِمُ فَهُوَ شَهِيدٌ» " غَيْرَ أَنَّ الشَّهَادَةَ تَتَفَاضَلُ وَتَحْصُلُ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الشُّهَدَاءَ قِسْمَانِ: شُهَدَاءُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ مَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ مُخْلِصًا، وَشُهَدَاءُ الْآخِرَةِ وَهُمْ مَنْ ذُكِرَ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ جِنْسِ أَجْرِ الشُّهَدَاءِ وَلَا تَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهُمْ فِي الدُّنْيَا. وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ عَنِ الْعِرْبَاضِ، وَأَحْمَدَ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ عَبْدٍ مَرْفُوعًا: " «يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فِرَاشِهِمْ فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ زَمَنَ الطَّاعُونِ فَيَقُولُ: " انْظُرُوا إِلَى جِرَاحِهِمْ فَإِنْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ فَإِنَّهُمْ مَعَهُمْ، فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ» " وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَإِطْلَاقُ الشَّهِيدِ عَلَى غَيْرِ الْمَقْتُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَجَازٌ، فَيَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يُجِيزُ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ، وَالْمَانِعُ يُجِيبُ بِأَنَّهُ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ، وَقَدْ يُطْلَقُ الشَّهِيدُ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ لَكِنْ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ لِعَارِضٍ يَمْنَعُهُ كَالِانْهِزَامِ وَفَسَادِ النِّيَّةِ، انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ الشَّيْخَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute