للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصَّدَقَةُ جَمْعًا فِي الصَّدَقَةِ وَوَجَبَتِ الصَّدَقَةُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا) بِقَدْرِ مَالَيْهِمَا، وَأَوْضَحَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ: (فَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا أَلْفُ شَاةٍ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ شَاةً أَوْ أَكْثَرُ فَهُمَا خَلِيطَانِ يَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ) أَيِ الزَّائِدَ (بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَى قَدْرِ عَدَدِ أَمْوَالِهِمَا عَلَى الْأَلْفِ بِحِصَّتِهَا وَعَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِصَّتِهَا) فَإِذَا أَخَذَ السَّاعِي مِنَ الْأَلْفِ وَالْأَرْبَعِينَ عَشَرَةً كَانَ عَلَى ذِي الْأَلْفِ مِنْهَا تِسْعَةٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ» " لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ بَيْنَهُمَا تَرَاجُعٌ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِي الْخَلِيطَيْنِ إِذَا أُخِذَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ مَالِ أَحَدِهِمَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تَأْثِيرَ لِلْخَلْطَةِ فَلَا تَجِبُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فِيمَا يَمْلِكُ إِلَّا مِثْلَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ خَلْطَةً، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ جَرِيرٍ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَفْرِيقُهَا مِثْلَ جَمْعِهَا فِي الْحُكْمِ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَعَلَّ الْكُوفِيِّينَ لَمْ يَبْلُغْهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ أَوْ رَأَوْا أَنَّ الْأَصْلَ حَدِيثُ: " «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» ". وَرَأَوْا أَنَّ حُكْمَ الْخَلْطَةِ يُغَايِرُ هَذَا الْأَصْلَ فَلَمْ يَقُولُوا بِهِ.

(قَالَ مَالِكٌ: الْخَلِيطَانِ فِي الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيطَيْنِ فِي الْغَنَمِ يَجْتَمِعَانِ فِي الصَّدَقَةِ جَمِيعًا) وَكَذَا الْخَلِيطَيْنِ فِي الْبَقَرِ (إِذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ) وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مُشِيرًا لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِقَوْلِهِ: (وَ) دَلِيلُ (ذَلِكَ) أَيْ شَرْطُ مِلْكِ كُلِّ نِصَابٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ» ) بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ (مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ) فَعُمُومُ النَّفْيِ شَامِلٌ لِلْخَلِيطَيْنِ (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً» ) تَمْيِيزٌ (شَاةٌ) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ، فَقَيَّدَ زَكَاتَهَا بِبُلُوغِ النِّصَابِ، وَذَلِكَ شَامِلٌ لِلْخَلِيطَيْنِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِصَابٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَالَطَ (قَالَ مَالِكٌ: وَهَذَا أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ) وَوَافَقَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>