عَلَى هَذَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: وَمِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُنْفَرِدًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُخَالِطًا، أَصْلُهُ إِذَا كَانَ ذِمِّيًّا، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاةٌ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَلِيطَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ أَصْلٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ بِرَأْيٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ: إِذَا بَلَغَتْ مَاشَيْتُهُمَا النِّصَابَ وَجَبَتْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلٍّ نِصَابٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِرَأْيٍ بَلْ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ فِي حَدِيثَيِ الذَّوْدِ وَالْغَنَمِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِينَ بِالْخَلْطَةِ لِمَالِكَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدِ اتَّفَقُوا فِي ثَلَاثَةِ خُلَطَاءَ لَهُمْ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً لِكُلِّ أَرْبَعِينَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَنَقَصُوا الْمَسَاكِينَ شَاتَيْنِ لِلْخَلْطَةِ فَقِيَاسُهُ: لَوْ كَانَتْ أَرْبَعُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ شَاةٌ لِخَلْطَتِهِمْ، انْتَهَى مُلَخَّصًا.
لَكِنَّ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا إِنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِتَأْثِيرِ الْخَلْطَةِ فَلَا يُعَادِلُ الْقِيَاسَ عَلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يَنُصَّ فِي الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُجْتَمِعَيْنِ بِالْخَلْطَةِ لِمَالِكَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِعَوْدِهِ عَلَى الدَّلِيلِ بِالْإِبْطَالِ، إِذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَبَ عَلَى مَالِكٍ أَقَلُّ مِنْ نِصَابِ الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ خِلَافُ عُمُومِ السَّلْبِ فِي قَوْلِهِ: " «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» " وَخِلَافُ الشَّرْطِ فِي حَدِيثِ الْغَنَمِ، فَقَوْلُ مَالِكٍ أَرْجَحُ وَاسْتِدْلَالُهُ أَوْضَحُ. (وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) فِي كِتَابِهِ الْمُتَقَدِّمِ، وَمَرَّ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ» ) بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ عَلَى التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَخِفَّةِ الرَّاءِ، وَبِتَقْدِيمِ الْفَوْقِيَّةِ عَلَى الْفَاءِ وَشَدِّ الرَّاءِ، رِوَايَتَانِ كَمَا مَرَّ. (وَلَا يُفَرَّقُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَشَدِّ ثَالِثِهِ مَفْتُوحًا (بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي) لِأَنَّهُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ لَا السُّعَاةُ (قَالَ مَالِكٌ: وَتَفْسِيرُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِمُ الصَّدَقَةُ فَإِذَا أَظَلَّهُمْ) بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ، أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ (الْمُصَدِّقُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ، أَيْ آخِذُ الصَّدَقَةِ وَهُوَ السَّاعِي (جَمَعُوهَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا وَاجِبُ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ (فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ تَقْلِيلِ الصَّدَقَةِ (وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ: وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute